شهدت العاصمة السعودية، الرياض، يوم الأربعاء، انطلاق أشغال إعداد الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني، في خطوة نوعية ترسّخ موقع المملكة كمبادِرة وفاعلة في صياغة رؤية عربية موحدة لمواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة، وسط حضور واسع لممثلي الدول العربية والهيئات المختصة.
هذه المبادرة، التي جاءت بموجب قرار مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب في دورته الأولى، لقيت ترحيبًا جماعيًا من الدول الأعضاء، التي أبدت استعدادًا واضحًا للانخراط في صياغة استراتيجية جماعية تعزز الأمن الرقمي الإقليمي، وتواكب التحولات المتسارعة التي يعرفها الفضاء السيبراني عالميًا.
وتسعى الاستراتيجية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الطموحة، من أبرزها بناء فضاء سيبراني عربي آمن وموثوق، يكون قادرًا على دعم النمو الاقتصادي، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في مواجهة التحديات السيبرانية المتعددة.
وخلال الاجتماع الذي ترأسته السعودية، ناقش الفريق العربي المكلّف بإعداد الوثيقة المقترحات الأولية للأهداف الاستراتيجية، والتي تشمل تعزيز التضامن العربي السيبراني، ورفع مستوى الجاهزية لمواجهة الهجمات الرقمية، وتطوير الكفاءات البشرية، ودعم الصناعات المحلية في هذا المجال، إلى جانب مواءمة التشريعات وأطر العمل القانونية بين مختلف الدول.
وحضر الاجتماع ممثلو أجهزة الأمن السيبراني من مختلف الدول العربية، إلى جانب أمانة مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في تأكيد على أهمية البعد المؤسسي في بلورة هذه الرؤية.
خطوة نحو السيادة الرقمية العربية
وتأتي هذه الجهود في وقت تتعاظم فيه التحديات المرتبطة بالأمن السيبراني، حيث لم يعد الأمر مجرد مسألة تقنية، بل أصبح مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي والسيادة الرقمية للدول، خصوصًا في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في كل القطاعات الحيوية.
يُشار إلى أن مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، الذي تأسس رسميًا بموجب قرار صادر عن القمة العربية، يضم في عضويته الوزراء المعنيين بالأمن السيبراني في الدول الأعضاء، ويتولى مسؤولية رسم السياسات العامة، وتحديد الأولويات الاستراتيجية، ومتابعة المستجدات على المستويات الأمنية، الاقتصادية، التنموية والتشريعية في المجال الرقمي.
وبانطلاق هذه الأشغال من الرياض، يكون العالم العربي قد وضع قدمه بثبات على طريق بناء درع رقمي موحد، في انتظار استكمال صياغة الاستراتيجية واعتمادها رسميًا في قادم الاجتماعات.