في نقد لاذع ومباشر، اتهم خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل، الحكومة الحالية بالتقصير في تنزيل الرؤية الملكية السامية حول ورش الحماية الاجتماعية، معتبراً أن الأداء الحكومي لم يرتق إلى مستوى الطموحات التي حددها الملك محمد السادس لهذا الورش الاستراتيجي.
جاء ذلك خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، المنعقدة يوم الثلاثاء 27 ماي 2025، والمخصصة لموضوع: “السياسة العامة المرتبطة بترسيخ مقومات الإنصاف والحماية الاجتماعية”. وقال السطي في مداخلته التي تميزت بحدة في الخطاب ونبرة استياء واضحة: «الإرادة الملكية واضحة وجريئة، واعتبرنا هذا الورش ثاني أهم مبادرة بعد المسيرة الخضراء، لكن للأسف، الشعارات الحكومية الاستهلاكية لم تُترجم إلى واقع فعلي».
وأشار إلى أن الخلل البنيوي في تواصل الحكومة مع المواطنين أفضى إلى فقدان الثقة، مضيفاً: «نحن على مشارف نهاية الولاية التشريعية، ولا أثر لشعار الدولة الاجتماعية، بل نجد حكومة مرتبكة، بعضها حتى تجنب الخضوع لتقييم خارجي لحصيلته».
وعلى المستوى الاجتماعي، قدّم السطي أرقاماً صادمة تكشف هشاشة الوضع، قائلاً: «8.5 ملايين مغربي بدون تغطية صحية، و3.5 ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة خارج الجامعة والتكوين المهني. عن أي حماية اجتماعية تتحدث الحكومة؟».
وأردف أن المواطنين يرزحون تحت عبء الغلاء وارتفاع الأسعار، رغم صرف مليارات الدراهم على برامج وصفها بأنها «فارغة المضمون». وانتقد زيادات الأجور الأخيرة، قائلاً إنها «طفيفة وغير كافية»، معتبراً أن «لولا تدخل الملك وإلغاء شعيرة عيد الأضحى، لكان الوضع الاجتماعي أكثر تأزماً»، ومضيفاً: «الملك قال إن الوضع صعب، فبأي منطق تقول الحكومة إنه جيد؟».
كما سلط الضوء على «اختلالات» في آليات الدعم الاجتماعي، مشيراً إلى إقصاء مستحقين واستفادة غيرهم ممن لا يستحقون، محذراً من انعكاسات ذلك على مصداقية البرامج الحكومية.
وفي سياق حديثه عن التعليم، شن السطي هجوماً على وزارة التربية الوطنية، متهماً الوزير بـ«الانشغال بالهيب هوب بدلاً من الانكباب على قضايا المدرسة العمومية»، متسائلاً عن استمرار أزمة التعليم في ظل «غياب حوار جدي حول النظام الأساسي واختلالات التسيير ونقص الموارد البشرية».
ولم يفوّت الفرصة للحديث عن الحريات النقابية، منتقداً «الاعتداءات المتواصلة والطرد التعسفي بسبب الانتماء النقابي»، وواصفاً ذلك بـ«الخرق السافر للدستور». واتهم الحكومة باتباع سياسة الإقصاء في الحوار الاجتماعي، مؤكداً أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لم يُمنح حتى الوقت الكافي للتفاوض، مضيفاً: «الحكومة لم تف بالتزاماتها حتى مع النقابات التي وقعت معها اتفاقيات».
وختم السطي مداخلته بالمطالبة بـ«خطة اجتماعية وصحية شجاعة» تُعيد الاعتبار للإنسان المغربي، وتضمن المساواة والفعالية والكرامة في التعليم والشغل والصحة، مؤكداً أن «تحقيق هذه الأهداف ممكن، لكنه يتطلب إرادة سياسية صادقة ونفساً وطنياً بعيداً عن الحسابات السياسوية الضيقة».