في تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، سلطت الضوء على حالة الاضطراب السياسي والأمني التي تمر بها الجزائر، مشيرة إلى أن جهاز المخابرات يعاني من “عدم استقرار مزمن” منذ قرابة عقد من الزمن، وهو ما انعكس سلباً على فاعليته وقدرته على التعاطي مع التحديات الداخلية والخارجية، في وقت تشهد البلاد توترات متصاعدة في محيطها الإقليمي.
وذكرت الصحيفة أن سلسلة تغييرات مست الأجهزة الأمنية الجزائرية، وبوجه خاص المخابرات، حيث تم تعيين الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المعروف بـ”الجنرال حسان”، على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)، ليكون خامس مسؤول يتقلد هذا المنصب منذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون السلطة في ديسمبر 2019. وأشارت إلى أن هذا التعيين جاء بعد إقالة الجنرال عبد القادر حداد، المعروف بـ”ناصر الجن”، دون صدور توضيح رسمي حول الأسباب.
وأضافت لوموند أن حالة عدم الاستقرار داخل جهاز المخابرات تعود إلى إقالة الجنرال محمد مدين (توفيق) سنة 2015، وما تبعها من تغييرات جذرية وتصفية حسابات داخلية، خصوصاً خلال عهد رئيس الأركان الراحل أحمد قايد صالح. واعتبرت أن هذه الاضطرابات أضعفت أداء الجهاز، خاصة في ما يخص التعامل مع الملفات الاستراتيجية الحساسة في ظل بيئة إقليمية معقدة.
ويثير تعيين “الجنرال حسان”، الذي سبق أن برأته العدالة من قضايا تعود لفترة قايد صالح، تساؤلات حول عودة رموز “رجال توفيق” إلى الواجهة، في وقت يحتاج فيه النظام الجزائري إلى تعزيز قبضته الأمنية في مواجهة تهديدات متزايدة قادمة من ليبيا ومنطقة الساحل.
وأبرزت الصحيفة الفرنسية أن هذه الاضطرابات الداخلية تتزامن مع تصاعد حدة التوتر مع دول الجوار، لا سيما المغرب، الذي قطعت معه الجزائر العلاقات الدبلوماسية منذ 2021، واتهمته مراراً بتنفيذ أعمال عدائية. كما تدهورت العلاقة مع مالي بعد تنسيق الجيش المالي مع قوات فاغنر الروسية قرب الحدود الجزائرية، وبلغت ذروتها مع حادثة إسقاط الجيش الجزائري طائرة مسيّرة مالية في أبريل الماضي، والتي وصفتها باماكو بأنها كانت تستهدف “تجمعاً إرهابياً”.
وأشارت لوموند إلى أن هذا الحادث أثار غضب مالي، التي اتهمت الجزائر بـ”رعاية الإرهاب الدولي”، وسط دعم من النيجر وبوركينا فاسو اللتين عبّرتا عن تضامنهما مع باماكو.
ولم تقتصر التوترات الجزائرية على الجوار الإفريقي، بل شملت أيضاً فرنسا التي تتهمها الجزائر بمحاولات تجسس ومحاولة تجنيد جزائريين ضد بلادهم لأجندات استخباراتية، وهي اتهامات سبق أن نفتها باريس.