بعد سنوات من الضغوط الأميركية على إسرائيل لحضها على ضبط النفس، يدخل الشرق الأوسط ومعه الدبلوماسية الغربية في المجهول بعد الضربة المنسوبة للدولة العبرية في إيران.
تخوض إيران وإسرائيل حربا خفية منذ سنوات، تشهد عمليات اغتيال علماء إيرانيين متخصصين في المجال النوي وهجمات على إسرائيل ينفذها أنصار الجمهورية الإسلامية وفي طليعتهم حزب الله اللبناني.
وعلى مدى هذه السنوات، جعلت الولايات المتحدة من منع وقوع حرب واسعة النطاق أولويتها المطلقة.
لكن الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر صدم إسرائيل وقوى تصميمها، ما حمل الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته على السعي للحد من التصعيد في المنطقة بدلا من منع اشتعالها.
ورأت ميريسا كورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز “ويلسون سنتر” الأميركي للدراسات، أن الهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل والضربة المنسوبة إلى إسرائيل في إيران شكلا “منعطفا حقيقا لأنهما بدلا تماما قواعد الاشتباك بين الخصمين”.
وتابعت أن هذه التطورات “أججت أيضا التوتر في المنطقة برمتها، وجعلت شبح حرب شاملة احتمالا مطروحا برأي العديد من دول المنطقة”.
ودو ت انفجارات فجر الجمعة قرب قاعدة عسكرية في منطقة أصفهان بوسط إيران، لكن السلطات الإيرانية قللت من شأنها من دون أن تتهم إسرائيل مباشرة بالوقوف وراءها، فيما لم يصدر أي تعليق من إسرائيل على الهجوم.
لكن وسائل إعلام أميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الانفجارات نجمت عن ضربة إسرائيلية على إيران ردا على الهجوم الإيراني بمئات الصواريخ والمسي رات في 13 ابريل والذي توعدت إسرائيل بعده بجعل إيران تدفع الثمن.
ونفذت إيران هجومها ردا على ضربة نسبت إلى إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من نيسان/أبريل وأوقعت سبعة قتلى من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران.
ورأى أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في منظمة “معهد الشرق الأوسط” غير الحكومية، أن إسرائيل درست بالتأكيد عواقب الضربة في دمشق قبل شنها.
ورأى أن إسرائيل أرادت إرغام إيران، عدوها اللدود منذ الثورة الإسلامية عام 1979، على مراجعة إستراتيجية “محور المقاومة” التي تعتمدها والقاضية بنشر مجموعات مسلحة موالية لها ويمكنها تعبئتها في جميع أنحاء المنطقة، من العراق إلى لبنان مرورا بسوريا واليمن.
وقال فاتانكا “إنه نموذج في غاية البساطة، حيث أن إيران تقاتل خصومها في المنطقة بدون أن تضطر إلى خوض معارك معهم داخل الأراضي الإيرانية”.
وتابع أن “هذه الحسابات البديهية تواجه اختبارا بسبب ما قام به الإسرائيليون، وبصورة متعم دة بالتأكيد”.
اختار بايدن النهج الدبلوماسي مع إيران، على غرار سلفه الديموقراطي باراك أوباما الذي أبرمت إدارته الاتفاق حول الملف النووي الإيراني في 2015 بعد مفاوضات مكثفة.
غير أن الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، خصم بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر، انسحب من الاتفاق في خطوة أحادية وأعاد فرض عقوبات شديدة على إيران أضر ت باقتصادها من غير أن يكون لها أي تأثير على إستراتيجية طهران في المنطقة.
ويبدو أن الضربة المنسوبة إلى إسرائيل تجنبت استهداف مواقع نووية إيرانية، ولو أنها حملت رسالة واضحة إذ تؤوي المحافظة منشأة نطنز