طبيعي أن تعمل الأحزاب المشاركة في الحكومة على إبراز منجزاتها في التدبير، وتقوم أحزاب المعارضة بنقد عمل الحكومة كي تكون هي مكانها، وهذه طبيعة العملية السياسية في شقها الانتخابي، لكن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لم يعجبه انتقاد البرلمانيين لعمل الحكومة، ومن باب الإنصاف أن الكثير منه سياسي ولا علاقة له بالمعقولية، غير أنه في رده ركب المزاعم والادعاءات غير الحقيقية، وقال إن الحكومة حققت العديد من المنجزات وبالأرقام، وعندما عرّج على الأرقام ذكر صرف تعويضات لستة ملايين مغربي خلاف مرحلة الحجر الصحي.
هذه مغالطة واضحة وصريحة ارتكبها رئيس الحكومة، لأنه يعرف أن سنة 2020، المطبوعة بالوضع الصحي الذي هيمنت عليه جائحة كوفيد 19، وهي سنة ميزت الحكومة بالارتباك ليس في اختيار الاستراتيجيات الواضحة للتصدي ولكن في تدبير الأمور اليومية، أما الإستراتيجية أو التفكيري البعدي ليس من اهتمامات هذه الحكومة.
وبالتالي يمكن السنة ، التي اقتربت من توديعنا بأنها سنة جلالة الملك محمد السادس. وما قام به جلالته أصبح من باب “الشمس فوقنا”، ومن باب الإنصاف قول الحقيقة، حيث قبل ظهور أول حالة لفيروس كورونا بالمغرب أعطى التعليمات الصارمة للحكومة للتعامل بجدية مع الجائحة، ولما ظهرت أول حالة في المغرب يوم الثاني من مارس الماضي، كان جلالته في الصف الأول للمواجهة، وما ترك المعركة يوما.
وما زعمه العثماني بأنه من منجزات حكومته لم يكن كذلك، حيث أمر جلالة الملك بالحجر الصحي، في مغامرة كبيرة، وصفتها الواشنطن بوست “ملك المغرب يحب شعبه أكثر من الاقتصاد”، لم يلق بالا للضرر الذي يمكن أن يحدث نتيجة الإغلاق الشامل، لكن جلالته يعرف أن الاقتصاد إذا تضرر يمكن معالجته لكن حماية الإنسان من أولى الأولويات وأوجب الواجبات وروح مقاصد الدين والدنيا.
ولم يكتف المغرب الإغلاق الشامل، ولكن أمر جلالته بتكوين صندوق مكافحة الجائحة، الذي تم تمويله بتبرعات المغاربة، افرادا وشركات، وهو الذي قال عنه العثماني إن الحكومة صرفت تعويضات لستة ملايين مغربي، والصندوق موله المغاربة من تبرعاتهم، وندعو للحكومة أن يكثر الله خيرها لأنها منحت الصندوق خبراء من وزارة المالية للإشراف عليه، وتدبير شأنه في هذه العملية المعقدة. أكثر من ذلك لم تفعل شيئا.
وجلالة الملك هو الذي اتصل بالرئيس الصيني ووقف بنفسه على توقيع الاتفاقيات التي منحت المغرب أولوية الحصول على اللقاح الصيني وحصرية تسويقه في إفريقيا، وجلالة الملك من أمر أن يكون التلقيح مجانيا لجميع المغاربة دون استثناء.
بفضل الضمانات الملكية قدم على المغرب كبار المستثمرين في شتى القطاعات وعلى رأسها صناعة السيارات، وهي التي وقعت الاتفاقيات بعيدا عن الحكومات وتقلباتها متشبثة بمؤسسة ثابتة ومستمرة.
فماذا قدمت الحكومة غير الشفوي، ووزير للشغل لا شغل له سوى الحديث عن التطبيع بدل حل مشاكل المواطنين وحل مشاكل مكتبه في المحاماة، الذي لا يؤدي واجبات الضمان الاجتماعي. حكومة موسومة بالكلام دون عمل، ولا يمكن أن تقلب علينا “القفة” مع اقتراب الانتخابات.