محمد فارس
سؤالٌ يُطرَح الآن بين المسلمين من [المغرب] غربًا إلى [أندونيسيا] شرقًا، أو قُلْ من [طنجةَ] إلى [جكارْتا]، وهو: [لماذا لم يُندّد أيّ رجل دين مسيحي، أو كنيسة، أو كاتدرائية، أو مؤسسة دينية كاثوليكية كانت، أو أرْثوذكسية، أو أنجليكانية، أو بروتستانتية بالرّسوم المسيئة لرسول الإسلام، وللدّين الإسلامي، وللمسلمين عامّةً؟ لماذا لم يقُلْ أحدٌ من الرهبان والقساوسة لِـ[ماكرون]: قِفْ عند حدّك، إلى هذا الحدّ وكفى! ونحن نسمع دائمًا عن مؤتمرات حِوار الأديان بيْن الفينة والأخرى، فما هو سَببُ هذا الصمت الـمُطبق يا تُرى؟ يتساءل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، والإسلام، ونبيُّ الإسلام يساء إليهما في واضحة النهار، وعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره؟ هذا هو السُّؤال الذي سنحاول الإجابة عليه ليَعْرف المسلمون سببَه وحتى يُدْركوا أنّه لا فائدة من طَرْحه، فما هو إذن سببُ هذا الصّمت؟
إنّ القرآن الكريم هو الذي يبرِّئ كافّة الأنبياء والرُّسل ويصفهم بالعِصْمة من الفِسق والزّلل، ولا يفرّق بيْن أحد منهم، وكما غضب المسلمون لِلإساءة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، يَغضبون للإساءة إلى كافّة الأنبياء والرُّسل؛ لكن في (الكتاب المقدس) أو (الإنجيل) أو (العهد الجديد)، فإنّك تجد أن كافّة الأنبياء زُناة أو فَسقَة أو كذّابون، ولا يكونون معْصومين إلا لحظة نزول الوحي فقط، أمّا في حياتهم الشّخصية، فهم لا يختلفون عن باقي البشر العاديين، وأرجو من القراء الكرام أن يَفتحوا (الكتاب المقدّس) ليتأكّدوا من صحّة ما أقوله.. لم يَنْجُ نبيٌّ واحدٌ من التّهم الرخيصة، وهي تُهَمٌ تطال الله سبحانه وتعالى، لأنّه هو الذي بعثَ واصطفى هؤلاء الأنبياء الفسقة والكذّابين، وحاشا ذلك، وتعالى الله عمّا يَفْترون؛ لهذه الأسباب، تراهم لا يَغضبون للإساءة لأيِّ نبي، ولا يَنتقدون ازدراءَ أيّ دينٍ سماوي مع العِلم أنّ الدّينَ عند الله الإسلام..
قد يقول القارئ الكريم: هل لكَ براهين تَأْتينا بها لنصدّقَك؟ الجواب: نعم؛ وللعلم فقط، فكاتبُ هذه السّطور، حائز على شهادة في دراسة (الإنجيل) لمدّة ستّ سنوات، ونالها بنقطة حسنةٍ (16 ونصف على عشرين)، ليعْلمَ القارئ الفاضل أنّي لا أتحدّث عن جهْل، ولكنّي واثقٌ ممّا أقول، وإليكَ الدليلَ، والبرهانَ، وتفضّل بالحُجّة متَّع الله بكَ وجعلكَ من الفائزين برحمته أيُّها القارئ المسلم الكريم، والعَفْو على هذه الحقائق الصّادمة؛ فَمعْذِرة! إنّك تجد أنّ الأنبياء فضحوا بعضهم بعضًا؛ فـ[موسى] حقّر [لوط] الذي زنَا بابْنتَيْه، وحاشا ذلك.. و[يعقوب] فضح أخاه [أوبين] الذي زنا بأمِّه.. و[يهودَا] زنا بزوجة ابنِه.. و[إبراهيم] اتّهم بالقِوادة والكذب.. و[هارون] اتّهم بعبادة العِجل واعتُبِر كافرًا.. و[نوح] اتّهم بالسّكر حتى الثّمالة وظهرت عوْرته أمام ابنيْه (حام) و(سام)، و[عيسى] اختلى في كنيسة مع عَذارى، والقائمة طويلة، وليس في الأمر مسلاّة لاَ لي ولاَ لكم معْشر القراء الكرام، وحسبُنا الله ونعم الوكيل! والقرآن الكريم يبرّئ كلّ هؤلاء الأنبياء الكرام من التّهم المنسوبة إليهم صلواتُ الله وسلامُه عليهم.. لكن الملاحظ، أن مثل هذه التّهم كيلتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مثْله مثْل إخوانه الأنبياء والرسل، ولكن هذه التّهم الرخيصة لم تَأْت في القرآن الكريم، بل جاءتْ عن طريق روايات موضوعة وأحاديثَ مكذوبة دُسَّت والمسْلمون في غفلة في كتب التّراث الموبوء، ومن هذا التراث المكذوب خرج الإرهاب، والقتل، والغدر، والزّنا الذي اكتسى صبغة الجهاد فسُمِّيَ [جهاد النِّكاح] وحاشا ذلك؛ لذا ترى الرسومَ المسيئة تصوّرُ النبي الكريم محاطًا بالنساء، والأصل في ذلك، تراثٌ مكذوب، وصدق النبيُّ الكريم حين قال: [كثُرت عليَّ الكذّابة وسَيكْثرون من بعْدي]..
في حوارٍ لي مع صديق مثقّف، أعابَ عليَّ، كيف أني أعْرف هذه المسائل ولا أنشُرها دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنويرًا للقراء المسلمين، ما دمتُ أملك الحُجَجَ والدّلائلَ الدّامغة؟ وبعد تفكير عميق، ارتأيْت أن أكتُب في الموضوع، ما دامت (حرية التعبير) قد اتّسعَ نطاقُها، وصارت لا تفرّق بين السياسي، والديني، والشخصي، بفضل الرئيس [ماكرون]؛ وسأعتمد مرجعًا مقدّسًا عندهم، وهو الكتاب المقدس، ولن أَفْتري، ولن أكذب، ما دامت هذه الحقائقُ الصّادمة يقول بها كتابهم المقدّس، وهي الأصلُ في الإساءة إلى الأنبياء الكرام، وهي المرجع المقدّس في ازدراء الأديان، وفي ازدراء كل ما هو مقدّس.. والآن، هيّئوا أنفُسكم لمفاجآت لم تكُن بالحسبان، وكلّها مأخوذةٌ من كتابهم المقدّس، وليس في ما سنقوله كذبٌ أو افتراء أوِ ازدراء، ونرجو من المتمسِّحين الجدُد، ومن العَلمانيين المتطرفين، وروّاد قنوات الكذب على الإسلام، وعلى نبي الإسلام، أن ينوّرونا أو يُخطّئُونا أو يكذّبونا أو يصحِّحوا لنا الأخطاء إنْ كانت تواتيهم الشّجاعة، وأنا أتحدّى كل واحد باسمه الخاص أن يَخرج لِلمنازلة إنْ كانت تُواتيه الشّجاعة كما يفعَل وهو يخاطب السّذج والمغفّلين والمغرّر بهم عبْر قنوات تستضيفهم، وتروِّج لأكاذيبهم، وتفسَح لهمُ المجالَ لمساندة [ماكرون] وسياستِه الـمُعادية للإسلام ولنبي الإسلام.. فهذه الحقائقُ الصّادمة يعترف بها الكتاب المقدّس نفسُه، فليس فيما نقوله كذبٌ أوِ افتراء، فإنْ كذبْنا، افْضَحونا ولكُم كلّ الفضل، وموعدُنا غدًا إن شاء الله!