نبهت تقارير رسمية من فساد الصفقات، مشددة على أن رقم معاملات الصفقات العمومية تقدر بـ 245 مليار درهم بعدما كانت تسجل 200 مليار درهم، موضحة أن الفساد قد يضيع على الدولة ما قيمته 245 مليار درهم، حيث اعتبر فوزري لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن مشروع إصلاح المرسوم المنظم للصفقات العمومية، يعد إحدى الركائز الأساسية لتأسيس دولة الحق والقانون وبناء مالية عمومية واقتصاد سليمين، وأبرز لقجع خلال يوم دراسي تشاوري عقدته كل من لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، بطلب من الحكومة، وخصص لعرض ومناقشة تصور الحكومة بشأن إصلاح منظومة الصفقات العمومية، أن مشروع المرسوم “لا يمكن اختزاله في ترتيب العلاقات بين الشاري والمشتري وبين الإدارة والمقاولة، بل يكتسي أهميه بالغة باعتباره من أهم الركائز لبناء اقتصاد سليم ومحاربة جميع مظاهر الرشوة والفساد “.
واعتبر لقجع أنه “إذا كانت محاربة الفساد والرشوة هدف يتكرر باستمرار في الخطابات وعلى المستوى الدولي وجميع المؤسسات، فإن ترجمة هذا الطموح يقتضي، فضلا عن الشجاعة السياسية، اتخاذ مجموعة من الاجراءات والتشريعات الواضحة من أجل إرساء وجعل الشفافية قاعدة وثقافة يتعامل بها المواطنون في كل المواقع”.
وشدد المسؤول الحكومي على ضرورة “تملك الشجاعة لاتخاذ قررات واعتماد اجراءات لجعل الصفقات العمومية في منأى عن هذه الممارسات لأن الأمر يتعلق بـ20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، و245 مليار كرقم معاملات متوقع برسم سنة 2022، بعدما كان في حدود 200 مليار درهم”.
وأفاد لقجع، بأن الصفقات العمومية تضطلع بدور قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ تشكل 70 بالمائة من رقم المعاملات بقطاع البناء والأشغال العمومية، و80 بالمائة من رقم معاملات قطاع الهندسة، وتابع الوزير أن “الهدف يتمثل في وضع الترسانة القانونية لتنظيم رقم كبير من المعاملات في الصفقات العمومية، لكي يقوم كل طرف بعمله بعيدا عن الشبهات”، مسلطا الضوء على الرهانات الاجتماعية لمشروع المرسوم المنظم للصفقات العمومية، من خلال الطلب العمومي الذي يمكن أن يحقق التوازن الاجتماعي بين الجهات.
وأشار إلى أن الوزارة أعدت مشروع المرسوم، الذي انطلقت المشاورات بشأنه قبل ثلاثة أشهر، في إطار منهجية تشاركية ارتكزت على الانفتاح على جميع القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والقطاعات المهنية، وخلص إلى التأكيد على ضرورة “إقرار تشريع جديد، لأن المرسوم الساري المفعول لم يتغير منذ 2013، بينما حصلت تطورات داخلية وأخرى خارجية”.
من جانبه، قدم الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، عرضا مفصلا تضمن الإصلاحات المنجزة ما بين 2013-2021، والإجراءات المقترحة لإصلاح المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، فضلا عن الإصلاحات التكميلية المبرمجة برسم الفترة من 2022 إلى 2026، مبرزا أن مصفوفة الاجراءات المقترحة تتضمن 61 إجراء ضمن 13 محورا.
وأكد بنسودة أن الصفقات العمومية تضطلع بدور قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعد أداة استراتيجية برهانات سياسية من خلال إعادة توزيع الموارد بين المجالات الترابية، واقتصادية عبر خلق الثروة والنمو والدينامية الاقتصادية، وكذا بيئية تتمثل في حماية البيئة وتحقيق النجاعة الطاقية والتنمية المستدامة، فضلا عن الرهانات الاجتماعية المتمثلة في دعم التشغيل ومحاربة البطالة.
من جهتهم، ثمن أعضاء اللجنتين البرلمانيتين المقاربة التشاركية التي اعتمدتها الحكومة في إعداد هذا مشروع المرسوم، مؤكدين على أهمية مضامينه الرامية إلى إعمال الشفافية ومحاربة الرشوة والفساد من خلال سن ضوابط قانونية واضحة عوض الارتكاز على التقديرات الخاصة.
واعتبروا أن الصفقات العمومية تعد البوابة الرئيسية لاستثمار الدولة وتحديد حاجياتها سواء من خلال المشتريات أو من خلال الأشغال، لافتين إلى أن حجم الأموال التي تنفق من خلال هذه البوابة تتطلب إعمال الشفافية للحفاظ على المال العام.
و دفع التراجع الحكومي في محاربة الفساد، وإجراءات حذف اللجنة الحكومية لمحاربة الفساد، و”توقف” عجلة التشريع لملائمة القوانين مع توصيات المنظمات الدولية لمحاربة الفساد، الى تراجع المغرب في التصنيف الدولي في مؤشر الفساد، وحذف نقط من ترتيبه الذي صنف المغرب في الرتبة الـ87 عالمياً من أصل 180 دولة في مؤشر “مدركات الفساد”، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لسنة 2021.
و تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد لسنة 2021 ، بعدما حصل المغرب على 39 نقطة على 100 في مؤشر إدراك الرشوة متراجعا بنقطة واحدة مقارنة مع العام الماضي، وبسبع مراكز مقارنة مع 2019، واحتلت الدنمارك وفلنندا ونيوزلاندا، والنرويج وسانغفورة والسويد، على التوالي المراكز الأولى في الترتيب، بينما جاءت دول اليمن وفنزويلا والصومال وسوريا وجنوب السودان، على التوالي في آخر الترتيب، وعربيا احتلت الإمارات المركز الأول في مؤشر إدراك الفساد، تليها كل من قطر والسعودية، وسلطنة عمان والأردن، وتونس والبحرين والكويت، ثم المغرب ومصر والجزائر.
وأكدت جمعية “ترانسبرانسي” المغرب، أن المغرب منذ عشرين سنة وهو يتأرجح في مؤشر الفساد الذي أصبح نسقيا في البلاد، وشددت على أن هذه الوضعية لا يمكن معالجتها إلا بإرادة سياسية قوية، إلى جانب قوانين ردعية، مستغربة كيف أنه لحدود الساعة ليس هناك مشروع قانون خاص بتضارب المصالح في البرلمان، بل تم سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع من المؤسسة التشريعية.
وأشارت أن المغرب يعيش مستوى عالي من الفساد، حيث تؤكد كل هذه المؤشرات أن مستوى الفساد في البلاد عام ومعمم، وأضافت أنه منذ تسع سنوات والمغرب يحصد نفس المؤشرات، بحيث لا يتقدم في محاربة الفساد رغم كل الكلام والخطابات والقوانين التي وضعت لمكافحته.
و أكدت منظمة “تراسبرانسي” أنه ليست هناك إرادة سياسية حقيقية بالمغرب لمحاربة الفساد، وأشارت المنظمة ، أن العديد من المنظمات المنوط بها محاربة الفساد أو الوقوف عليه، مثل مجلس المنافسة أو الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أفرغت من محتواها.
وأوضحت أن المغرب بإمكانه التقدم في محاربة الفساد، لكن هل هناك إرادة حقيقية للوصول إلى هذا المبتغى هذا هو أصل المشكل؟، وتساءل عضو الجمعية عز الدين أقصبي هل المفسدين في المغرب أكثر قوة من الدولة، مشيرا أن المنظمة منذ 20 سنة وهي تدق ناقوس الخطر وتطلق التحذيرات لكن بدون جدوى، وأضاف ” أصلا المغرب له إمكانيات ضعيفة ومتواضعة وإذا أردنا تحقيق نموذج تنموي جديد يجب أن نوجه إمكانياتنا في اتجاه التنمية، ولا نتركها تضيع في الفساد”.