خرج المحاسبون المعتمدون الى الشراع أمام قبقة البرلمان للإحتجاج ضد مشروع قانون مالية 2025، مطالبين الحكومة برفع الحيف و الظلم عن المحاسبين المعتمدين في فرض غرامات مالية جديدة تثقل كاهل المهنيين و تحد من العطاء المهني و تهدد محاسبين بالافلاس، حيث رفع المحتجون أمام البرلمان شعارات تطالب الوزير و الحكومة بالرجوع عن البنود الجديدة ضد مهنة المحاسب في مالية 2025، وحذف المادة 206 مكرر التي تصل فيها الغرامات المالية الى أكثر من ألف درهما.
و اكد محمد المرس محاسب معتمد في تصريح لجريدة “النهار المغربية”، أن الوقفة الإحتجاجية تأتي كمحطة نضالية ضد المادة المجحفة في حق المحاسب المعتمد الذي عوض أن يكرم على أدائه المهني و إنخراطه المهني في الأوراش الحكومية بكل جدية عبر الرقمنة و الأداء الرقمي الجبائي وجد نفسه ضحية قوانين جديدة مجحفة تهدد استقراره المهني و الوظيفي، مشددا على أن الحكومة نهجت سياسية الإنفرادية و غياب التشاور مع المهنيين في موضوع قانوني يهم المهنة، معتبرا أن ضرب حقوق المحاسب يعد ضربا لمبدأ دستوري و ضربا لمهنة تعد اللبنة الأساسية في تسهيل الاستثمارات في المملكة الشريفة.
ونبه ادريس أزوكاغن محاسب معتمد في حديثه للجريدة، الى أن غياب التنسيق بين الهيئات و المنظمات المهنية يضعف من رفع الصوت الواحد الى الحكومة لتحقيق مطالب المهنيين، محذرا من التفرقة في صفوف المحاسبين و ضياع مجموعة من المكتسبات التي تحققت منذ صدور الإطار القانوني المنظم لمهنة المحاسب المعتمد.
و خيم على قطاع المحاسبين المعتمدون وباقي المهنيين التوتر والترقب، حيث ينتظر المهنيون الذين يقومون بعمليات تسجيل العقود نتائج التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 بمجلس المستشارين حيث جاءت المادة 206 مكرر لتفرض غرامات مالية تصل إلى 1000 درهم في حال ارتكاب أي خطأ أو نسيان معلومات تتعلق بتسجيل عقد أوإتفاق عبر البوابة الالكترونية الخاصة بالمديرية العامة للضرائب.
ويعتبر هذا الإجراء إستثنائياً، إذ لم يسبق في تاريخ التشريع المغربي ولا المقارن أن تم تغريم المهنيين بسبب إرتكابهم أخطاء في تسجيل المعلومات، و عبّر المحاسبون المعتمدون عن كامل إستيائهم وقلقهم البالغ من هذه المادة، التي تبررها وزارة الإقتصاد والمالية برغبتها في الحصول على قاعدة بيانات دقيقة وخالية من الأخطاء. لكن، في المقابل، يرون أن فرض الغرامات سيحول دون تصحيح الأخطاء، و يتهمون الوزارة بالبحث عن اعذار لتحصيل الذعائر فقط ورغم أن الإدارة تملك كل الامكانيات التكنولوجية و البشرية لاكتشاف الأخطاء وتسهيل عملية التصحيح للمهنيين، لكنها إرتأت أن تقتصر على فرض العقوبات المالية.كما تثير رغبة الإدارة في استخلاص الغرامات بشكل فوري، دون اتباع أي مسطرة قانونية،قلق المحاسبين المعتمدين الذين يعتبرون ذلك خرقاً سافرا للدستور المغربي الذي يكفل حق الدفاع لكل من لم يرقه قرار أتخذ ضده واعتبره ظالما له.
وتجدرالإشارة، إلى أن المحاسبين المعتمدين يواصلون جهودهم لإسقاط هذه المادة بعرض مقترحهم على مستشاري لجنة المالية و التخطيط بالغرفة الثانية، كما يلوحون إلى إمكانية تنظيم وقفة احتجاجية ضد هذه المادة وامكانية العزوف عن تسجيل العقود في حال تم تمريرها في مشروع قانون مالية 2025، مما قد يؤدي إلى عودة التسجيل الورقي عبر الإدارة، وهو ما تسعى الحكومة جاهدة لتفاديه ضمن مشروعها الساعي إلى الانتقال الرقمي.
وتطرح القضية تساؤلات عديدة حول حقوق المهنيين في مواجهة التشريعات الجديدة، وتؤكد على الحاجة الملحة للحوار بين الأطراف المعنية لضمان تحقيق التوازن بين مصلحة الإدارة وحقوق المحاسبين المعتمدين دون المس بحقوق الملزمين و ميزانيتهم.
و يرى المحاسبون المعتمدون انه في ظل صعوبة الحصول على المعلومات الضرورية التي تشير إليها المادة 206 مكرر في مشروع قانون مالية 2025 (كرقم الملكية والمساحة وطبيعة العقار) وخاصة بالنسبة لتسجيل عقود الكراء، هذه المادة ستثير الخوف من الإقدام على عمليات تسجيل العقود لأن غياب المعلومة وصعوبة الحصول عليها سيجعل المحاسب المعتمد يفضل ان لا يقوم بعملية التسجيل عوض أداء غرامة 1000 درهم عن كل عقد به أخطاء.
ويرى المحاسبون انهم لا يريدون التخفيض من هذه الغرامة وإنما يعتبرونها عقوبة والمادة كلها عقابية يجب حذفها من مشروع قانون مالية 2025، زيادة على أنها غير دستورية بحيث تصادر الحق في الطعن أو الشكاية لدى الإدارة.
السؤال الذي يطرحه المهنيون هو: هل إدارة التسجيل ممكن ان تطبق هذه الغرامة في حق موظفيها إذا امتنع المهنيون عن القيام بإجراء تسجيل العقود ؟؟ وهل كان ممكنا ان تطبقها على موظفيها في غياب تقنية التسجيل الإلكتروني من قبل المهنيين؟؟
يستعد المحاسبون لبحث التهديدات التي تواجه أكثر من 800 مكتب محاسبة بالمغرب، تشمل هذه الفئة محاسبين يمارسون المهنة بشكل قانوني، إلا أنهم يواجهون تحديات ناجمة عن تطبيق القانون رقم 53.19 المتعلق بتنظيم مهنة المحاسب المعتمد.
واكد سمير سوسو، رئيس الجمعية، في تصريح للصحافة أن المحاسبين يعيشون حالة من الاحتقان دفعتهم إلى رفض القانون 53.19، الذي يعد متممًا للقانون 127.12 المنظم لمهنة المحاسب المعتمد. واعتبروا هذا القانون انتهاكًا واضحًا لحقوقهم المكتسبة وتناقضًا مع التشريعات الوطنية، منتقدين تطبيقه دون اعتماد مقاربة تشاركية، مما أدى إلى إقصاء شريحة واسعة من المحاسبين.
ويرى المحاسبون أن القانون الجديد يشكل تهديدًا خطيرًا لمكتسباتهم المهنية، ويقلل من أهمية دور المحاسب في المجتمع. كما وصفوه بغير العادل، لكونه يستثني العديد من المحاسبين الذين زاولوا المهنة لسنوات طويلة قبل صدوره، وأكد سمير سوسو أن القانون رقم 53.19 يستبعد بشكل غير منصف عددًا كبيرًا من المحاسبين من اكتساب صفة محاسب معتمد، بالرغم من ممارستهم المهنة بشكل قانوني قبل دخول القانون حيز التنفيذ، وهو ما يجعله مثيرًا للجدل.
نظمت الجمعية المهنية للمحاسبين، وقفة احتجاجية أمام مديرية المنشآت العامة والخوصصة، وتأتي هذه الوقفة الاحتجاجية، وفق بيان توصل به موقع “هبة بريس”، تنزيلاً للبرنامج النضالي الذي سطرته الجمعية ضداً على صمت المسؤولين، وإثارة الانتباه إلى الحالات الناتجة عن تطبيق القانون 53.19 المتمم للقانون 127.12 المنظم لمهنة المحاسب المعتمد، وإحداث المنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين.
وأكد البيان أن الاعتماد حق مشروع لجميع المحاسبين المسجلين بالضريبة المهنية، ويتعلق الأمر بكثير من المهنيين الذين لا يزالون خارج اللوائح الصادرة عن اللجنة الوزارية، والمتعلقة بلائحة المحاسبين المعتمدين.
وأوضح البيان أنه تم إقصاء فئة من المحاسبين المهنيين المسجلين بالسجل التجاري والضريبة المهنية خارج أي تصنيف، علماً بأن هذه الفئة تشمل محاسبين يُزاولون المهنة بشكل قانوني، لمدد تتراوح بين ثلاث (3) وثلاثين (30) سنة.
ووفق البيان نفسه، فإن المحاسبين المهنيين يتوفرون على شهادات جامعية عليا وخبرات طويلة في الميدان، ونبهت الجمعية إلى أن مكاتبهم أصبحت مهددة بالإغلاق، وما سيترتب عن ذلك من عواقب وخيمة عليهم وعلى عائلاتهم وموظفيهم، وشدد البيان على ضرورة إدماج كافة المحاسبين المسجلين بالضريبة المهنية في المنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين.