نجحت الديبلوماسية المغربية بتوجيهات ملكية سامية، في إستضافة الليبيين والتدشين لمرحلة جديدة من التوافق الليبي لتدبير الشأن الليبي ومواجهة المطامع الخارجية والتدخلات العسكرية الخارجية، ووقف نزيف الدماء الليبية، والخروج الى بر الأمان نحو التوجه للتنمية والإستقرار، على إثر كسب ثقة المغرب ونهجه في الإشراف على الحوار الليبي دون تدخل أو تحيز، والإعتماد على إستضافة أخوية تثمن للعلاقات التاريخية بين البلدين، حيث شدد ناصر بوريطة وزير الخارجية، أن ” مقاربة المملكة كما حددها صاحب الجلالة الملك محمد السادس هي أن الملف الليبي ليس قضية دبلوماسية ولا قضية تجاذبات سياسية، بل هو ملف يرتبط بمصير بلد مغاربي شقيق “تجمعنا معه أخوة صادقة، استقراره من استقرارنا وأمنه من أمننا”، وأن المغرب “ليس له أجندة ولا مبادرة ولا مسار، ولم يقبل أبدا أن يختار بين الليبيين، بل يعتبر دائما أن الليبيين إخوة وأبناء لذلك الوطن ويتحلون كلهم بروح المسؤولية وبتغليب مصالح ليبيا ، كما أنه لم يغير مواقفه بحسب التطورات على الأرض”.
وأفاد بوريطة، أمام الفرقاء اللليبين، على” أن المغرب ليس له من أجندة إلا الأجندة الليبية، ولا مصلحة له إلا المصلحة الليبية، ولا مقترح إلا ما يتوافق عليه الليبيون، وتحدوه فقط الرغبة والطموح المتجرد لخدمة ليبيا والوقوف إلى جانب أبناء هذا البلد ومؤازرتهم، موضحا أن ” المغرب كان دائما وسيظل مستعدا لخلق فضاء لليبيين للنقاش بكل روح بناءة وإيجابية من أجل الدفع نحو تحقيق تقدم في المسارات وحسب نقط جدول الأعمال التي يختارونها بأنفسهم، ولفسح المجال لحوار ليبي- ليبي دون تدخل في الوفود ولا في جدول الأعمال ولا في المخرجات، إلا ما يتفق عليه الليبيون ويصفق له المغرب”.
وشدد بوريطة على أن المغرب له ثقة كاملة في الليبيين في أن يمضوا، بلا تردد، في اتجاه الخروج من الأزمة وتجاوز معادلة المنتصر والمنهزم ومنطق “أي مكسب لأحد الأطراف هو إضعاف للطرف الآخر”، داعيا ” إلى أن يكون الحوار مقاربة براغماتية عملية لإعادة الثقة ولبناء التفاهمات ولإنضاج الأفكار والتوافقات والتهيئ للاتفاقات للخروج بالبلاد من الأزمة.
و شدد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ببوزنيقة، على أن الدينامية الإيجابية المسجلة مؤخرا والمتمثلة في وقف إطلاق النار وتقديم مبادرات من الفرقاء الليبيين، يمكن أن تهيئ أرضية للتقدم نحو بلورة حل للأزمة الليبية، وأبرز بوريطة، في كلمة افتتاحية للحوار الليبي بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق، أن إيجاد مخرج للأزمة الليبية ينبني على ثلاثة ثوابت أساسية، أولها الروح الوطنية الليبية، وثانيها أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسيا، وثالثا الثقة في قدرة المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي كمؤسستين شرعيتين، على تجاوز الصعاب والدخول في حوار لمصلحة ليبيا، وذلك بكل مسؤولية.
وشدد الوزير على أن المغرب ظل على الدوام يشتغل مع الأمم المتحدة وتحت مظلتها بشأن الملف الليبي، وسيستمر على هذا النهج في المستقبل، كما أكد ذلك خلال الزيارة التي قامت بها الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، ستيفاني ويليامز، إلى المملكة.
وانطلق الحوار الليبي بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق ، الأحد ببوزنيقة، حيث يهدف الحوار الذي انعقد بعد أسابيع من زيارة كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إلى المملكة بدعوة من رئيس مجلس النواب المغربي، إلى تثبيت وقف إطلاق النار وفتح مفاوضات لحل الخلافات بين الفرقاء الليبيين، كما يأتي بعد أسابيع من زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، ستيفاني ويليامز، إلى المغرب في إطار المشاورات التي تقودها مع مختلف الأطراف الليبية وكذا مع الشركاء الإقليميين والدوليين بغية إيجاد حل للأزمة الليبية.
وأعرب وفدا المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق ، الملتئمان في إطار الحوار الليبي، ببوزنيقة، عن تثمينهما لسعي المغرب الصادق وحرصه على إيجاد حل للأزمة الليبية، معبرين عن رغبتهما الصادقة في تحقيق توافق يصل بليبيا إلى بر الأمان لإنهاء معاناة المواطن الليبي.
وأعرب يوسف العقوري، رئيس وفد مجلس النواب، عن شكره للمملكة المغربية ملكا وشعبا وبرلمانا وحكومة، على حسن الضيافة والاستقبال والحرص على بذل الجهود والمساعي لحل الأزمة الليبية. كما تقدم بتشكراته لكافة الدول الشقيقة والصديقة على جهودها في سبيل المحافظة على استقرار ليبيا، وقال العقوري ” نعد شعبنا الليبي أننا سنبذل قصارى جهدنا لتجاوز الماضي والتوجه لرأب الصدع، والسير نحو بناء الدولة الليبية القادرة على إنهاء معاناة الليبيين، وتحقيق الاستقرار، والتطلع لبناء المستقبل الزاهر”.
و عبر عبد السلام الصفراوي، رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة، عن الشكر والامتنان للمملكة المغربية ملكا وحكومة وشعبا وبرلمانا على ما قدموه ولازالوا يقدمونه من جهد مضن للمساهمة في حل الأزمة الليبية. وأضاف قائلا ” تقديرا منا للدور الإيجابي والمساهمة الفاعلة من المملكة المغربية إلى جانب جهود كل الدول الشقيقة والصديقة، نتطلع في لقائنا هذا للعمل على كسر حالة الجمود واستئناف العملية السياسية وعقد لقاءات بناءة مع شركائنا في مجلس النواب من أجل الوصول إلى حل توافقي سياسي سلمي”.
وسجل أنه لا يخفى على أحد ما تمر به ليبيا من أزمات سياسية واقتصادية وصحية وخدمية وأمنية، وعلى رأسها وباء كورونا، وغيرها من الأزمات التي طالت كل الليبيين وبدون استثناء، شرقا وغربا وجنوبا، في ظل الانقسام السياسي والمؤسساتي، وخلص إلى أنه يتوجب على مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تحمل مسؤولياتهما في الإسراع بإيجاد حل لهذه الأزمات، بما “يحفظ البلاد من التقسيم ويحافظ على المسار الديمقراطي ويجنب بلدنا نشوب حرب جديدة”.