ليس مجرد ملعب، بل هو ذاكرة حيّة وأيقونة رياضية تختزل في جنباتها قصة مدينة بأكملها. الملعب الشرفي بمكناس، الذي أُعيد افتتاحه بحلة عصرية، يعيد كتابة فصل جديد من تاريخ كرة القدم المغربية، ويجدد الروح في نادي المدينة وجماهيرها، التي ظلت وفية لشغفها رغم التحديات.
افتتح الملعب الشرفي في 1962 ليصبح منذ ذلك الحين شاهداً على صعود نادي النادي المكناسي وأمجاده، وحتى إخفاقاته. أسماء خالدة كحمادي حميدوش، و”كماتشو”، وغيرهم، جعلت من هذا الملعب مركزاً للحكايات الكروية التي تروى بفخر.
ومع ذلك، لم تكن رحلة الفريق المكناسي سهلة، إذ عانى من السقوط إلى أقسام الهواة. لكن الإصرار والإرادة قادت الفريق للعودة إلى مكانه الطبيعي بين أندية الصفوة.
عملية ترميم الملعب الشرفي لم تكن مجرد تحسين للمرافق، بل هي استثمار في تاريخ المدينة ومستقبلها الرياضي. بفضل جهود الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، باتت هذه المنشأة تنافس كبريات الملاعب في المغرب من حيث الجودة والتصميم.
عشب طبيعي، مدرجات حديثة، شاشة عملاقة، وأحدث أنظمة الإضاءة والصوت، كل هذا يعكس رؤية طموحة لجعل مكناس قبلة كروية وطنية ودولية.
رئيس النادي، عز الدين اليعقوبي، وصف هذا الملعب بأنه بات من أجمل ملاعب المغرب، وركّز على الجهود الكبيرة التي بُذلت لإعادته إلى الواجهة.
هذا التحول، كما أشار، لم يقتصر على الجوانب الفنية فقط، بل شمل تعزيز الروح الجماعية بين اللاعبين والجماهير، التي أصبحت ترى في الملعب رمزاً للفخر والانتماء.
مشهد المباراة الأخيرة بين النادي المكناسي وشباب المحمدية كان أكبر دليل على ولاء الجماهير المكناسية لمعقلها. الحماس الذي ملأ المدرجات أكد أن هذا الملعب ليس مجرد موقع رياضي، بل هو فضاء يجمع قلوب سكان المدينة.
هذا الوفاء الجماهيري، الذي أشاد به الكاتب العام للنادي، حاتم بنعبد الكريم، كان عنصراً حاسماً في إعادة بريق الفريق والملعب معاً. المبادرات التي اتخذتها إدارة النادي بالتعاون مع السلطات والمشجعين تهدف إلى الحفاظ على هذه الجوهرة الرياضية كإرث مشترك.
إعادة إحياء الملعب الشرفي بمكناس ليست مجرد نجاح رياضي، بل هي قصة إحياء لهوية مدينة بأكملها. هذا المشروع يعكس جزءاً من الدينامية التي تعرفها كرة القدم المغربية، التي باتت تتجاوز حدود الملاعب لتشكل رافعة تنموية وثقافية.
إن الملعب الشرفي اليوم ليس فقط شاهداً على الماضي، بل منصة للمستقبل، يحمل آمال جيل جديد من اللاعبين والجماهير.
وفي ظل هذه الروح المتجددة، يبدو أن مكناس، بفضل ملعبها وأيقونتها الكروية، ستواصل كتابة صفحات مضيئة في تاريخ الكرة المغربية.