هاجمت النقابات بمجلس المستشارين مشروع قانون مالية سنة 2023، معتبرين المشروع جاء حاملا إكراهات ضريبية جديدة ومثقلا بالنصوص الجبائية، وبعيدا كل البعد عن الدولة الاجتماعية و الانتصار للفئات الفقيرة و الهشة ودعم الطبقة المتوسطة التي تعتبر صمام أمان الاستقرار في المغرب، حيث اعتبر فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين “أن مشروع قانون مالية 2023 لم تفي الحكومة من خلاله بالتزاماتها مع الحركة النقابية بزعامة الاتحاد المغربي للشغل في الشق الضريبي، مؤكدين أنه تنكر لالتزام الحكومة بتخفيض الضريبة على الأجر، وبتطبيق توصيات المناظرة الوطنية للجبايات، غير مكترثة بمقترحات الاتحاد التي تهم مراجعة أشطر الضريبة على الدخل رغم طابعها العملي وقابليتها للتنفيذ”.
ودعا الفريق، الى “تخفيض النسب، والرفع من الحد الأدنى للإعفاء، وتخفيض نسبة 38% المجحفة المطبقة في حق الأجراء، وهي الأعلى في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وإقرار إنصاف بين الضريبة على الأجر والضريبة على الدخل التي يتحمل فيها الأجراء 74 في المائة، في ضرب واضح لمطلب إعمال التوزيع العادل للثروة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، خاصة في هذه الظرفية العصيبة”.
و تتجه الحكومة لتوسيع الوعاء العقاري إلى تضريب الشركات وشركات المحروقات التي استفادت من هذه الأزمة، كما جاء في توصيات المجلس الأعلى للمنافسة، وإلى تضريب الثروة، وغيرها من إجراءات ضريبية عادلة، أصر المشروع على الاستمرار في تضريب المتقاعدين، وعدم إعفاء الأسر من واجبات التمدرس، والكتب المدرسية، والخدمات الاجتماعية التي يجب أن يطالها جميعها الإعفاء الضريبي”.
واعتبر النقابات ، أن الحكومة تنصلت من التزاماتها المتضمنة في الاتفاق الاجتماعي الموقع في 30 أبريل 2022، المرتبطة بتحسين الدخل من خلال الزيادة العامة في الأجور، وخلق مناصب الشغل القار واللائق الذي يتمتع فيه كافة العاملات والعمال بحقوقهم الشغلية كاملة، وفي مقدمتها الحريات النقابية والحماية الاجتماعية، مردفا بأن “مشروع القانون المالي لسنة 2023 جاء مخيبا لآمال الاتحاد المغربي لشغل، ويعطي أولوية لإرجاع خدمة الدين ولا يحتفظ سوى بهامش بسيط للاستثمارات، ويغلب في عموميته التوازنات الماكرو اقتصادية على التوازنات الاجتماعية”.
وشددت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على ان مشروع هذا القانون جاء مخيبا للآمال وخاليا من البصمة الاجتماعية ولم يستوعب الظرفية الحالية”، معتبرين أن نتائجه “ستكون حتما إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء، وهذا ما يظهر جليا من خلال الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة، التي لم تحدث القطائع مع التوجهات الرأسمالية في وضع يتسم بالغلاء وارتفاع مهول لأسعار المحروقات والارتفاع غير المسبوق للأسعار”.
ونبهت النقابة إلى أن “الحكومة تملصت من مخرجات الحوار الاجتماعي، وأخلت بالتزاماتها المدرجة في اتفاق 30 أبريل 2022، بخصوص تحسين الدخل عبر الزيادة العامة في الأجور والمراجعة الفعلية لأشطر الضريبة على الدخل وإحداث درجة جديدة، في وقت قدمت هدايا للرأسمال، ما سيزيد من تعميق الفوارق الاجتماعية”.
ونبه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الى “تنصل الحكومة من التزامات الحوار الاجتماعي”، مشيرا في هذا الصدد إلى تراجعها عن الزيادة العامة في الأجور والدرجة الاستثنائية، منتقدين عدم تنزيل الحكومة وعودها بتخصيص دعم للأشخاص المسنين ومنحة الولادة للأسر المعوزة، داعيا إياها إلى ضرورة الاستماع للنقابات الممثلة في البرلمان وأخذ مقترحاتها بعين الاعتبار.
و صادقت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، بالأغلبية، على مشروع قانون المالية برسم سنة 2023، وذلك في إطار قراءة ثانية، وحصل المشروع، الذي أحيل على اللجنة من طرف مجلس المستشارين، على موافقة 23 برلمانيا مقابل معارضة 6 برلمانيين.
وأقرت اللجنة مختلف التعديلات التي أدخلها مجلس المستشارين على المشروع، وهمت أبرز التعديلات التي أقرتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية الرفع من المناصب المالية المخصصة للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بإضافة 90 منصبا جديدا، تم خصمها من المناصب المالية المؤهل رئيس الحكومة لتوزيعها، وتمديد مدة تطبيق الإعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة للأجر المدفوع للأجير بمناسبة أول تشغيل له إلى غاية 31 ديسمبر 2026، كما تم إعفاء الأغذية البسيطة المعدة لتغذية البهائم والدواجن من الضريبة على القيمة المضافة حين الاستيراد ابتداء من فاتح يناير 2023 إلى غاية 31 ديسمبر 2023.
و اعتمدت اللجنة تعديلا يهم استثناء تطبيق سعر 35 في المائة برسم الضريبة على الشركات إذا تجاوز الربح الصافي 100 مليون درهم، بالنسبة لشركات الخدمات المكتسبة لصفة القطب المالي للدار البيضاء، والمنشآت التي تزاول أنشطتها في مناطق التسريع الصناعي، كما يهم هذا الاستثناء الشركات التي تلتزم باستثمار مبلغ لا يقل عن 1.5 مليار درهم خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2023 إلى غاية 31 ديسمبر 2026 في إطار اتفاقية.
و وافقت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية على تعديل آخر يهم الضريبة على المحامين، ونص التعديل على تخفيض مبلغ الدفعة المقدمة من طرف المحامي على الحساب برسم الضريبة على الدخل من 300 درهم إلى 100 درهم، وتمديد مدة إعفاء المحامين الجدد من أداء الدفعات المقدمة على الحساب من ثلاث سنوات إلى خمس.