أن يصرخ مسؤول مالي كبير في وجه السياسيين فهذا يعني أن الأمر وصل حدا لا يطاق، لأن الوعود التي تطلقها الأحزاب السياسية، والتي تتعلق بالتزامات مالية للدولة، وعندما لا يتم الوفاء بها تكون كارثية على المشهد السياسي، وتؤدي إلى العزوف السياسي والعزوف عن الانتخابات، أو كما قال والي بنك المغرب في الندوة الصحفية، التي نظمها أول أمس الثلاثاء على هامش مجلس بنك المغرب، فإن الأحزاب تطلق الوعود دون النظر إلى الإمكانيات.
إن أي وعد انتخابي يلزمه احترام أمرين أساسيين، الأول احترام الناخب واحترام ذكاءه، وكي يتم احترام الناخب ينبغي الوفاء بالوعد، وهنا يأتي الأمر الثاني، فمن أجل تنفيذ الوعد الانتخابي لابد للحزب أن يكون على درتية بمدى قدرة الدولة ممثلة في الجهاز المالي في الالتزام بذلك.
أمامنا مثال من الماضي ومثال من المستقبل أو الحاضر.
المثال الأول، ليس ببعيد، فهو يعود إلى انتخابات 2012 التي أعقبت المصادقة الشعبية على الدستور، حيث تقدم حزب العدالة والتنمية، ب1500 إجراء كوعود انتخابية، وما زلنا نتذكر أن هذا البرنامج، التي تلاه مصطفى الخلفي، الذي سيصبح وزيرا، وبتأطير من عبد الإله بنكيران، وقال الزعيم الإسلامي، إذا لم ننفذ هذا البرنامج إذا صوتم علينا فارمونا بالحجر، وطبعا لم ينفذ البرنامج ولم يسأله أحد وخرج منها سالما غانما بتقاعد يساوي 70 ألف درهم.
المثال الثاني هو من المستقبل، أي هو من الحاضر لكن يهم المستقبل.
هذا النموذج هو الذي يسبق اليوم الحملة الانتخابية، حيث خرج عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحر ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، مع جمع الألقاب، في تجمع حزبي بأكادير ليقول إنه سيتم توظيف “الأساتذة” ودون تعاقد وبراتب 7500 درهم، وسيتم منح كل شخص فوق 65 سنة في وضعية هشة مبلغ ألف درهم، ومبلغ 300 درهم عن كل تلميذ في القطاع الخاص في حدود ثلاثة تلاميذ للأسرة الواحدة.
هذا الكلام ينسجم مع ما قاله محمد أوجار، القيادي في الحزب، الذي قال في ألمانيا إن عزيز أخنوش يحمل مفاتيح كل الحلول للمغرب ومعه سندخل عالم صناعة الطائرات “وماشي قشاوش عيشورة”، وأكد الطالبي العلمي، على كلام أخنوش وقال إن لم نفعل ذلك وتقدمنا إليكم سنة 2026 فارمونا بالحجر. نفس الكلام ونفس الوعود البنكيرانية. إنهم يعرفون ألا أحد سيرميهم بالحجر.
طبعا البرامج الانتخابية تبنى على الوعود، أي تعاقد بين المرشح والناخب، في حالة الفوز سيعمل على تنفيذ هذا التعاقد، الذي هو البرنامج.
جيد لكن كيف سيتم الالتزام بهذه الوعود؟ فعندما تعد بمخصصات مالية لفئات عديدة فينبغي أن يكون ذلك منسجما مع الميزانية العامة حتى تتمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها؟ أما إطلاق العنان للكلام دون النظر إلى الإمكانيات والآليات فذلك من شأنه إبعاد المواطن عن العملية السياسية.