شدد مجلس المنافسة في تقريره السنوي لعام 2020، على أن اللجـوء إلـى الشـراكات بـين القطاعين العـام والخاص ينـدرج ضمـن سـياق تنظيمـي يتنافـى مـع مبـادئ المنافسة الحرة والنزيهـة.
وجاء في التقرير، انه “مـن جهـة، يقـع تداخـل في الآليات القانونيـة المؤطرة لهـذا الشــكل مــن التعــاون بـيـن القانــون رقــم 86.12 المتعلق بعقــود الشــراكة بـيـن القطاعـيـن العــام والخاص مــن ناحيــة، والتنظيمــات القطاعيــة مــن ناحيــة أخــرى، وهــو مــا يكــرس مبــدأ عــدم اسـتفاء العقـود مـن حيـث عـدم التنبـؤ بالطـوارئ، وكـذا عـدم تماثل المعلومات بين المتعاقدين”.
وشدد المجلس في ذات التقرير أن استثمار المقاولات العموميــة في رأســمال بعــض الفاعلين الخواص المنافسين يعد بمثابة ممارسات تميزية.
و وجه التقرير انتقادات عديدة للمقاولات العمومية التجارية منها بالخصوص، مؤكدا أنها تحول دون تطوير قطاع خاص يتسم بالدينامية والتنوع.
وأبرز التقرير أن الإصلاح العميق للمقاولات العمومية يصطدم بانشغالات مرتبطــة بمجال المنافسة.
ولفت التقرير الى أن أبـرز التدابيـر المقترحة لإصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية هي إحـداث وكالـة وطنيـة مختصـة، واسـتبعاد عـدة مقــاولات أو فروعهــا أضحــى وجودهــا غيــر منســجم مــع أهــداف إنشــاءها، وكــذا إنشــاء أقطاب كبرى عبر تجميع التي تنشط في قطاعات مماثلة.
وأكد مجلس المنافسة في تقريره السنوي لسنة 2020، أن الإصلاح المنشود المرتبط بالمقاولات والمؤسسات العمومية يثيــر انشغالات مرتبطــة بمجال المنافسة.
و أوضح المجلس أن وجــود مؤسسـات ومقـاولات عموميـة تنشـط في قطاعـات تجارية مختلفـة، يشكل عقبـة حقيقيـة تحول دون تطوير قطاع خاص يتسم بالدينامية والتنوع.
وأبرز أن هناك عـددا كبيـرا مـن المؤسسات والمقاولات العموميـة التـي تنشـط في قطاعـات لا صلـة لهـا بتطويـر البنيـة التحتيـة في عمـوم البـلاد، ويمكن إخضاعهـا لتحكـم كلـي مـن طـرف الشـركات خاصـة.
وأضاف ” أن المؤسسات والمقاولات العموميـة تعتبـر بمثابة أطراف متنافسـة محتملـة تنشـط في أسـواق مفتوحـة أمـام المنافسة، إذ تكمـن غايتهـا في تحقيق فائـض في الأرباح الصافيـة، غيـر أنهـا تتوصـل بمساعدات مباشـرة وغيـر مباشـرة مـن الدولـة توفـر لهـا “أفضليـة تنافسـية” مـن شـأنها التأثيـر علـى وضعيـة المنافسة في السوق وتحريف سيره”.
وسجل المجلس أن هذه المساعدات الممنوحة للمؤسســات والمقاولات التجاريــة، تتداخل مــع قواعــد المنافسة لغيــاب تمييز قانونــي بــين الأنشطة التجاريــة وغيــر التجاريــة المزاولة، مــا يفضــي حتمــا إلــى خلطها بتكاليف إنتاج السلع والخدمات المتداولة في السوق وإن كانت لا تحمل أبعاد تجارية.
وزاد “تتمتـع هـذه المؤسسات والمقاولات العمومية، بحكـم كونهـا تنشـط في أسـواق احتكاريـة، أو تتســم بنســبة عاليــة مــن التركيــز بســبب تدخل الســلطات العموميــة الراميــة إلــى فــرض قيـود علـى الدخـول، بوضـع مهيمن يتعـزز تحت تأثيـر التقنين القطاعـي، ممـا يتيـح لهـا توسـيع نشــاطها ليشــمل أجــزاء أخــرى مــن سلســلة القيمــة، ويتــم ذلــك عبــر إحــداث شــركات فرعيــة متخصصـة في قطاعـات متنوعـة إمـا مـن جانـب واحـد أو بواسـطة “شـركات مشـتركة” مـع شـركاء من داخل وخارج البلاد”.
ولفت إلى أن وسـائل التقنين المشار إليهـا تمثل قيـودا بـارزة لدخـول السـوق قـادرة علـى الحد مـن تنافسـيته، كمـا تشـكل أيضـا أداة لإقصاء الاستثمارات الخارجية، ناهيـك عـن إفـراز إكراهـات بنيوية تحول دون جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار المجلس أن عـدد المؤسسات والمقاولات ذات الطابـع التجـاري، بلغ مـع نهايـة شـتنبر 2020، بلغ مـا مجموعـه 71 مؤسسة ومقاولة، أي ما يعادل 26.5 في المائة مجموع المؤسسات القائمة.
وشدد على أن هــذا الرقــم يكتسي أهميــة كبيــرة مــن منظــور اقتصــاد الســوق، حيــث تعــد الملكية الخاصة الوســيلة المفضلة في قطــاع الســوق، علمــا أن جــل المؤسسات والمقاولات العموميــة تنشــط في قطاعات السلع غير القابلة للتبادل التجاري.
وأبرز أن هــذه المقاولات والمؤسسات العموميــة تكتسي إمــا طابعــا تجاريا بحيــث تقــوم ببيــع الســلع والخدمات المعروضة في الأسواق بسـعر يغطـي تكاليـف الإنتاج، أو تقـوم ببيـع الخدمات المالية لصالــح عملائها، أو طابعــا غيــر تجاري عندمــا تختــص بتوفيــر الســلع والخدمات مجانــا أو بسعر أقل من تكلفة الإنتاج.