أحرجت توقعات عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، حكومة سعد العثماني، بعدما نبهت أرقام بنك المغرب الى حدوث إنكماش إقتصادي “خطير ومقلق”، أمام غياب أي تحرك حكومي أو طرح إجراءات إستعجالية لمواجهة الإنكماش المرتقب، الأمر الذي جعل الحكومة تلتزم “الصمت” أمام توقعات الجواهري “السوداوية”.
وعاب متتبعون، من غياب التفاعل الحكومي مع التقارير المالية والإقتصادية ، ومن “الصمت الحكومي” أمام تقارير بنك المغرب وتقارير المندوبية السامية للتخطيط، حيث تقف حكومة العثماني موقف المتفرج أمام المعطيات و الأرقام الإقتصادية “المقلقة”، منبهين من خطورة “تهميش” تقارير ودراسات مؤسسات الدولة وتنبيهات المختصين في مجال المال و الإقتصاد.
و كشف عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، عن توقعات “مقلقة” للبنك في المرحلة المقبلة، مشيرا الى إمكانية تسجيل انكماش للإقتصاد الوطني بنسبة 6,3 في المائة، وتفاقم عجز الحساب الجاري إلى 6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في سنة 2020، وتقلص الحساب الجاري إلى 5,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021، منبها من تتدنى مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى ما يعادل 1,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، متوقعا أن يناهز جاري الموجودات الرسمية الاحتياطية 294,7 مليار درهم في نهاية سنة 2020، و289 مليار درهم في متم سنة 2021، ليعطي ما يعادل 6 أشهر و20 يوما من واردات السلع والخدمات.
وتوقع الجواهري تفاقم عجز الميزانية، دون احتساب الخوصصة، وارتفاع دين الخزينة من 65 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2019 إلى 76,1 في المائة في سنة 2020، حيث يرتقب أن يشهد الاقتصاد الوطني، حسب السيناريو الأساسي المعتمد من طرف بنك المغرب، انكماشا بنسبة 6,3 في المائة مع نسب تراجع قدرها 5,3 في المائة بالنسبة للقيمة المضافة الفلاحية و6,3 في المائة بالنسبة للقيمة المضافة غير الفلاحية، وفي سنة 2021، و من المتوقع أن يرتفع الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 4,7 في المائة بفضل تزايد القيمة المضافة الفلاحية بواقع 12,6 في المائة، مع فرضية تحقيق محصول حبوب قدره 75 مليون قنطار، إلى جانب تحسن القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 3,7 في المائة.
حيث أوضح بلاغ لبنك المغرب أنه خلال اجتماع لتدارس المجلس تطورات الظرفية الاقتصادية والاجتماعية وكذا التوقعات الماكرو اقتصادية للبنك على المدى المتوسط، والتي تم تحيينها، مقارنة بتلك الصادرة في شهر يونيو، على ضوء المعطيات المتوفرة وبالنظر إلى تطور الوضعية الصحية و التدابير التي اتخذتها السلطات، أنه “بناء على ذلك، يتوقع السيناريو المركزي انكماش الاقتصاد سنة 2020 بشكل أكثر حدة مما كان متوقعا في يونيو، يليه انتعاش نسبي سنة 2021. إلا أن هذا السيناريو يبقى محاطا بشكوك كبيرة ارتباطا على الخصوص بتغير الوضعية الويائية وآثارها على الصعيدين الوطني والدولي”.
وكشف الجواهري ، عن فقدان صاف مجموعه 589 ألف منصب شغل، موضحا أن أربعة أخماسه سجلت في قطاع الفلاحة، إضافة إلى ذلك، اشتغل ما يناهز ثلثي الأشخاص الذين حافظوا على مناصب عملهم وقتا أقل مما هو معتاد حيث انخفض حجم ساعات العمل الأسبوعية للفرد الواحد من 45 إلى 22 ساعة، خاصة في القطاعات غير الفلاحية، إذ من المتوقع أن تتراجع الصادرات بنسبة 16,6 في المائة قبل أن ترتفع بواقع 22,4 في المائة في سنة 2021 مدفوعة أساسا بالارتفاع المرتقب في صادرات قطاع السيارات. وفي المقابل، من المنتظر أن تتقلص واردات السلع بنسبة 17,4 في المائة قبل أن ترتفع بنسبة 17 في المائة سنة 2021.
وكان نزار بركة وصف توقعات الجواهري قائلا إن “المغرب معرض لانكماش اقتصادي تاريخي سيكون له انعكاسات وخيمة على البطالة والفقر” داعيا الى ” ضرورة إنقاذ آلاف المواطنين من البطالة ودعم المقاولات المتضررة من جائحة كورونا.
وقدم حزب الاستقلال لرئيس الحكومة مذكرة للخروج من الأزمة وتحقيق إنعاش اقتصادي مسؤول اجتماعيا وبيئيا لحماية المكتسبات والبناء المشترك للمستقبل”، معتبرا أن “هذه الأزمة تشكل فرصة تاريخية للقطع مع السياسات التي بلغت مداها وكانت وراء الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي عمقتها الجائحة”.
وشدد الأمين العام لحزب الاستقلال على “ضرورة وضع رؤية شمولية مندمجة للنهوض بالبلاد تتجاوز المقاربة العمودية والمفككة التي تم اعتمادها من طرف هذه الحكومة والتي أبانت عن فشلها”، مشيرا إلى أن حزبه “اقترح وضع خطة لحماية المواطنين من الفقر ومن الاندحار الاجتماعي للطبقة الوسطى”.
وتركز خطة الإستقلال، على “توفير الحد الأدنى الحيوي للعيش الضروري والكريم لكل الأسر الفقيرة وتوسيع الحماية الاجتماعية للجميع وإدراج الوحدات الإنتاجية التي تعمل في القطاع غير المهيكل في القطاع المنظم وإصلاح منظومة التقاعد وتوفير الحد الأدنى للشيخوخة بالنسبة للمسنين”.
واقترح الحزب “إحداث بنك عمومي للاستثمار يقدم للمقاولات الصغرى والمتوسطة، الدعم والضمانات لرفع رأسمالها وانتشالها من المديونية المفرطة، وفتح أوراش ذات منفعة عامة ومدرة لفرص الشغل، ولا سيما في العالم القروي والمناطق الحدودية والمناطق النائية مع وضع برنامج جهوي لإعادة التكوين والتأهيل لصالح الشباب في الجهات.
ودعا الحزب الى ضرورة تقوية السيادة الوطنية من خلال ضمان الأمن الغذائي، والأمن المائي، والأمن الطاقي، وتوفير التمويل الاستراتيجي بالنسبة للقطاعات الأساسية كالتعليم والصحة، إلى جانب الحفاظ على سيادة القرار الاقتصادي، وضمان تقوية الإنتاج الوطني من خلال توجيه الطلبيات العمومية للدولة لتشجيع المنتوج المغربي ودعم استهلاكه وتقوية الاندماج داخل النسيج الاقتصادي الوطني.
وأشار حزب الاستقلال إلى “ضرورة العمل على تقوية دور الدولة الراعية خصوصا في المجالين التعليمي والصحي، و تقديم الخدمات العمومية بأحسن جودة للمواطنات والمواطنين وبكيفية منصفة”، مشددا على أنه “ينبغي القطع مع السياسات التي كانت تهدف إلى التركيز أكثر على القطاع الخاص لحل معضلة ضعف جودة التعليم والصحة في بلادنا، فلا يمكن النهوض بالعنصر البشري في بلد ما خصوصا في مجالي التعليم والصحة إذا لم يكن يلعب دورا رئيسيا وإذا لم تعط له الأولوية للنهوض بالقطاع العام”.