دعت الجمعية المغربية لمكافحة الفساد “ترانسبرانسي” إلى الشفافية في تدبير مخلفات زلزال 8 شتنبر، عبر نشر المعلومات وإمداد الرأي العام بشكل منتظم بحجم التبرعات، والتصدي للممارسات الفاسدة التي قد يعرفها تدبير برامج إعادة الإعمار، فضلا عن افتحاص برنامج تنمية العالم القروي الذي لم تظهر نتائجه، وأكدت “ترانسبرانسي المغرب” على ضرورة إمداد الحكومة المواطنين بكافة المعطيات، بشكل استباقي، كما ينص على ذلك قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، وأن تقدم كل الإحصائيات حول الزلزال والأضرار البشرية والمادية التي سببها، والتي ستبني عليها سياستها في جبر ضرر الضحايا وإعادة إعمار المناطق المنكوبة.
ودعت ترانسبرانسي رئيس الحكومة لاتخاذ قرار يعلن تلك المناطق مناطق منكوبة، طبقا لمدلـول القانـون 110.14، حتى يتسنى الاستفادة من مختلف أشكال التأمينات وتعويض المتضررين، وشددت الجمعية المغربية على ضرورة إزالة اللبس والغموض حول صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، فمن المهم أن يعرف الرأي العام تدخلاته وحجم ميزانيته وكيفية استعماله مند إحداثه، مع إمداده بشكل منتظم بمعلومات عن حجم التبرعات ومخصصات المال العام وكيفية صرفها أولا بأول.
ونبه إلى ضرورة ألا تقتصر تدخلات السلطات العمومية على الإسعافات والمساعدات الأولية المستعجلة، فرغم أنها ضرورية إلا أنها لا تغطي كل الخسائر والأضرار.
وتوقفت “ترانسبرانسي” على كون الزلزال كشف عن هوة سحيقة بين إمكانيات وثروات المنطقة من جهة، والفقر المدقع الذي يعيشه سكانها من جهة أخرى، واعتبرت أن المنتظر هو مقاربة تنموية شاملة وتشاركية تقوم على حصر الاحتياجات بدقة، والقيام بسياسات عمومية تطور البنى التحتية وتحدث مختلف المرافق الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية التي يستفيد منها السكان وتحترم بيئتهم وحقوقهم الأساسية.
ومن جهة مقابلة، لفتت الجمعية إلى ضرورة أن يقوم البرلمان بمناقشة جدية، في الدخول البرلماني المقبل، للمرسوم بقانون المتعلق بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير بميزانية توقعية قدرها 120 مليار درهم، وذلك لضمان حسن حكامته وشفافية تدبير مشاريعه وإخضاعها للمراقبة.
واستغربت الجمعية من النص في المرسوم على عدم خضوع وكالة تنمية الأطلس الكبير للرقابة المالية للدولة ضدا على المبدأ الدستوري بتقديم الحساب لمن يتحملون المسؤولية.
كما توقف البلاغ على برنامج تنمية العالم القروي الذي خصص له مبلغ 50 مليار درهم، والذي أشرف عليه أخنوش عندما كان وزيرا للفلاحة، دون أن تظهر نتائجه في الميدان بالنسبة لأغلبية ساكنة العالم القروي كما تكشف عنه المعطيات وكما كشفت عنه الكارثة.
و دعت “ترانسبرانسي” إلى تقييم البرنامج وافتحاصه من طرف المجلس الأعلى للحسابات ومن طرف البرلمان وترتيب المسؤوليات تبعا لذلك، وخلصت الجمعية إلى إعلان عزمها، باشتراك مع تعبيرات المجتمع وكل القوى والفعاليات والخبراء الذين يشاركونها هذه الأهداف، تتبع تدبير برامج إعادة الإعمار والتصدي للممارسات الفاسدة.
وأثارت فاجعة الحوز عددا من التساؤلات المتعلقة بالاهتمام بالمناطق القروية، من قبيل سد الفراغ التشريعي المتعلق بتنمية العالم القروي وإرساء سياسات عمومية خاصة بهذه المناطق، بالإضافة إلى مآل مدخرات صندوق الكوارث الذي أقرته حكومة ابن كيران، وأيضا أثر صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية على واقع هذه المناطق.
و أجاب عزيز أخنوش، في 18 يونيو 2019 بمجلس المستشارين، عن سؤال شفوي في إطار تقييم أداء صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، تقدم به الفريق الحركي، حيث اعتبر في معرض جوابه، أن الصندوق عرف إصلاحات هيكلية هامة تجلى أبرزها في تحويل الأمر بالصرف إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ابتداء من سنة 2016، وكلنا طبعاً نعرف تفاصيل قصة هذا التحويل، التي دُبّرت بليل بين أخنوش وزير الفلاحة وزميله وزير المالية بوسعيد آنذاك.
وفي هذا الصدد، كشف أحمد صدقي، عضو سابق بالفريق النيابي للعدالة والتنمية، أنه يتذكر جيداً واقعة الرغبة في الاستحواذ على موقع تدبير هذه المؤسسة الذي كان هدفا وأولوية للبعض والتعامل معه كصندوق بمخصصات مالية كبيرة، وليس كأداة لتنزيل إستراتيجية فعلية للنهوض بهذه المجالات التي تعرف خصاصا تنمويا كبيرا يتفاقم بمرور الوقت مع الأسف.
وأضاف صدقي، أنه بعد التوجه الجديد الذي أسس له البرنامج الحكومي لـ 2012 حيث أصبح هذا الصندوق مخصصا لتمويل برامج التنمية القروية والمناطق الجبلية وتنزيل استراتيجية الدولة ومؤسساتها بهذه المجالات وارتفعت مخصصاته لتصل إلى 20 مليار درهم، مضيفا أنه بعد ذلك كان الطموح كبيرا عند طرف معين في تدبير هذا الصندوق وهو ما تحقق له بالفعل.
وتأسف صدقي لعدم تجسيد أي استراتيجية حقيقية للتعامل مع هذه المناطق، حيث يشهد الواقع على تفاصيل الخصاص التنموي بها وعلى تدني مؤشرات التنمية والولوج ومختلف الخدمات والتي لاتزال بها بعيدة عن المطلوب، وهو ما يتأكد في كل مرة تسجل فيها أحوال طارئة من قبيل الكوارث الطبيعية، معتبراً أنه لا يمكن لمدبري هذا الصندوق أن يتبجحوا ببرنامج تقليص الفوارق المجالية وهو برنامج ملكي يروم تدارك هذا الخصاص وهذا القصور المسجل والارتقاء بالتنمية القروية بالبلاد.
وأبرز المتحدث ذاته، أن هذا البرنامج، يغطي فترة 2017-2023، بمخصصات مالية عمومية تناهز 50 مليار درهم، ويتحمل صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية 23,3 مليار درهم من هذا المبلغ، فيما تساهم المجالس الجهوية بحصة 20 مليار درهم، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمكتب الوطني للكهرباء والماء، تساهم يساهمان بمجموع 6,56 مليار درهم، مُشيراً إلى أنه خارج تلك المساهمة فالصندوق لا يلعب أي دور أخر في مواكبة تنمية هذه المناطق وتنزيل الاستراتيجية الشاملة الخاصة بها.