وصفت الجمعية المغربية لحماية المال العام، تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تشخص وتدقق وتوثق جرائم فساد المالي وتصدر توصيات، بكونها أصبحت طقسا من الطقوس العادية التي لاتبدل حالا ولا تخيف أحدًا ، و أضافت الجمعية ، “المهم هو أن نقول للعالم نحن أيضا لدينا مؤسسات للحكامة والرقابة على تدبير الشأن العام، الماركة المغربية للرقابة والمحاسبة جديرة بالتأمل والدراسة”.
أوضح أن هذه التقارير تشير إلى وجود ضحية للفساد ونهب الأموال والريع والرشوة، والضحية في هذه الصورة هو المجتمع برمته ومستقبله في التنمية والعدالة،كما تحرص على الإشارة إلى الجاني بصفته واسمه وتؤكد بأنه مدان بأدلة لايرقى إليها الشك لأنه سرق أموالا عمومية كانت موجهة إلى تشييد قناطر ومستشفيات ومدارس وبنيات تحتية ومرافق عمومية وأجهض حلم شعب بكامله في أن يساير الأمم المتقدمة.
وتابع ” لكن هذه التقارير نفسها تقسم بأن يحمى لصوص المال العام ،لأننا بتعبير أحدهم الذي علمهم السحر لن نجد مستقبلا من يتقدم للانتخابات (تصريحات عبد اللطيف وهبي) لذلك لاتزعجوا أحدا ولاتنصتوا للغوغائيين فهم يهدفون فقط إلى التشويش على مسيرة الإصلاح والنماء”.
شدد على أن هذه التقارير توثق لجرائم واضحة، واختلالات تدبيرية وقانونية تتطلب جزاءات إدارية أو جنائية ،لكن المفارقة الكبرى أن بعضا من المتهمين سيكون حاضرا بالقبة المحترمة لأنه من ممثلي الأمة وسيناقش هذه التقارير بل إنه يستطيع أن يهاجم معدوها دون أن يشعر بأي توجس أو خوف.
وأكد “تعرض تلك التقارير على ممثلي الأمة والبعض منهم متورط في الفساد وغسيل الأموال والرشوة واستغلال النفوذ ليحتفل الجميع على آلام الضحية (المجتمع)، وسيتناول الإعلام والناس تلك التقارير ،لكن لصوص المال العام والذين راكموا ثروات مشبوهة لا خوف عليهم لأن المحاسبة والعقاب لن يكونا من نصيبهم ،وسنجبر جميعا على تحمل تكلفة فسادهم ونهبهم.
وكان المجلس الأعلى للحسابات ، سجل أن 13 حزبا لم يقم بإرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة العامة، بما مجموعه 4,22 مليون درهم، وتتعلق المبالغ غير المسترجعة، حسب التقرير السنوي للمجلس، بالدعم الممنوح لهذه الأحزاب برسم استحقاقات انتخابية سابقة، ويهم الأمر اقتراعات 4 شتنبر 2015 و2 أكتوبر 2015 و7 أكتوبر 2016، وكذا برسم الدعم السنوي عن سنوات 2017 و2020 و2021.
ومن أصل 34 حزبا، أودع 29 حزبا حساباتهم السنوية برسم السنة المالية 2021، في حين تخلفت خمسة أحزاب عن تقديم حساباتها إلى المجلس برسم سنة 2021، علما أن 18 حزبا فقط من أصل 29 أدلوا بحساباتهم داخل الأجل القانوني.
وبلغت مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية برسم اقتراع 8 شتنبر 2021 ما مجموعه 336,94 مليون درهم، استفاد منها 28 حزبا، كما بلغت مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية والمنظمات النقابية برسم اقتراع 5 أكتوبر 2021 لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين ما مجموعه 19,34 مليون درهم لفائدة 12 حزبا، و11 منظمة نقابية.
في هذا الإطار، قامت جميع الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية المستفيدة من الدعم بالإدلاء بحسابات حملاتها الانتخابية للمجلس من أجل فحص مستندات إثبات صرف المساهمة المذكورة، وقد تم توجيه الملاحظات المسجلة إلى المسؤولين الوطنيين عن الهيئات المعنية من أجل تسوية وضعيتهم أو إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة داخل الأجل.
ومقابل ذلك، بلغت نسبة إيداع حسابات الحملات الانتخابية للمترشحين حوالي 85%، حيث أن 788 مترشحا تخلفوا عن إيداع حسابات حملاتهم، وتوصل المجلس بحسابات 4.358 مترشحا من مجموع 5.146 ملزما، وقد تم إعذار المتخلفين.
وأسفرت عملية فحص حسابات الحملات الانتخابية للمترشحين برسم جميع الاقتراعات سالفة الذكر عن توجيه 1.046 مذكرة ملاحظات، حسب المجلس.
وبلغ مجموع الموارد المصرح بها من طرف الأحزاب السياسية ما يناهز 499,69 مليون درهم برسم سنة 2021، بما فيها مبالغ الدعم المقدم لتمويل حملاتها الانتخابية برسم اقتراعات 2021، في حين بلغ مجموع النفقات المصرح بصرفها برسم سنة 2021 ما يناهز 502,26 مليون درهم، بما فيها مصاريف الحملات الانتخابية برسم الاقتراعات المذكورة.
وبخصوص تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب، فقد توقف التقرير على عدة اختلالات، تهم عدم تقديم مجموعة من الوثائق وعدم تبرير بعض المبالغ، وعدم تقديم حسابات مشهود بصحتها من طرف خبير محاسب مقيد في هيئة الخبراء المحاسبين.
ودعا المجلس إلى مواصلة المجهودات المبذولة من طرف السلطات الحكومية المختصة، والأحزاب السياسية المعنية بإرجاع، إلى الخزينة، مبالغ الدعم غير المبررة بقيمة 4,22 مليون درهم، وعند الاقتضاء اتخاذ اإلجراءات اللازمة في حق الأحزاب التي لم تقم بتسوية وضعيتها تجاه الخزينة.
كما أوصى بالسعي لتحقيق مزيد من الشفافية في الحسابات المالية، وذلك من خلال الحرص على تقديم الوثائق المكونة للحسابات السنوية داخل الآجال المقررة في القانون، والإشهاد بصحة الحسابات المدلى بها.
وأصدرت المحاكم المالية التابعة للمجلس الأعلى للحسابات 104 قرارا وحكما برسم سنة 2021، بغرامات بلغ مجموعها 4.741.500.00 درهما، بالإضافة إلى الحكم بإرجاع ما مجموعه 15.739,006,88 ملايين درهم.
وعلى مستوى المجلس، بلغ عدد القضايا التي كانت رائجة أمام غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية عند بداية سنة 2021، ما مجموعه 13 قضية تتابع النيابة العامة لدى المجلس في إطارها 49 شخصا.
وأصدرت نفس الغرفة خلال السنة المذكورة 11 قرارا يهم 5 قضايا معروضة أمامها، حيث وصل مجموع مبالغ الغرامات المحكوم بها 1.430.000.00، كما أنجزت الغرفة خلال السنة ذاتها 14 تقريرا في إطار 3 قضايا.
وفيما يتعلق بالمجالس الجهوية للحسابات، فقد أصدرت خلال سنة 2021 ،ما مجموعه 78 حكما في إطار 57 قضية من أصل 112 كانت رائجة أمامها عند بداية السنة. وبلغ مجموع مبالغ الغرامات الصادرة في إطار هذه الأحكام 3.311.500.00 درهما.
وتتعلق أغلب المؤاخذات موضوع القضايا التي بتت فيها المحاكم المالية، خلال سنة 2021، بالحالات ذات الصلة بفرض وتحصيل المداخيل وتنفيذ عقود التدبير المفوض، وكذا حالات عدم التقيد بقواعد تنفيذ النفقات العمومية وبالنصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية، من خلال إبرام صفقات وإصدار سندات الطلب من أجل تسوية مقابل خدمات سبق إنجازها قبل تاريخ التعاقد، دون الحرص على إخضاعها للمنافسة المسبقة، وكذا الإشهاد غير الصحيح على استلام مواد وخدمات دون التأكد من مطابقتها للخصائص التقنية المتعاقد بشأنها والتي ينتج عنها الإدلاء بأوراق غير صحيحة وكذا الحصول للغير على منافع نقدية غير مبررة.
و دعا المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره لسنة 2021، إلى إعادة النظر في نموذج التصريح بالممتلكات المعتمد حتى يصبح واضحا وسهل الاستيعاب من طرف جميع الملزمين، بما يحد من هامش التأويل والاختلاف في تحديد الغرض من البيانات موضوع التعبئة.
وأثار المجلس، في هذا التقرير، كذلك، أهمية “اعتماد التعبئة الإلكترونية للتصريح بالممتلكات قصد تيسير ولوج قواعد المعطيات لدى الإدارات والمؤسسات العمومية للتبادل الإلكتروني للمعطيات وتسريع وتبسيط البحث والتحري بشأن صحة المعلومات المصرح بها”.
وأشار، في هذا السياق، إلى أن دستور المملكة أسند في فصله 147 للمجلس الأعلى للحسابات “مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات. كما ألزم الفصل 158 من الدستور كل شخص منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها وعند انتهائها”.
وأضاف أن هذه المقتضيات الدستورية تعتبر تتويجا للنصوص القانونية التي صدرت سنة 2010، والتي حددت نطاق هذا الاختصاص ومجاله، وكذا كيفيات ومساطر إيداع وتلقي وتتبع ومراقبة التصاريح بالممتلكات.
وفي هذا الإطار، قام المجلس الأعلى للحسابات خلال سنة 2021 بتلقي 1.501 تصريحا بالممتلكات، منها 279 تصريحا عن فئة الموظفين والأعوان العموميين الخاضعين، و1.222 عن الفئات الأخرى خلال الفترة من فاتح يناير 2021 إلى غاية 30 شتنبر 2022.
أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات، فقد بلغ عدد التصاريح المودعة لديها 1.796 تصريحا عن فئة الموظفين والأعوان العموميين الملزمين خلال نفس الفترة، في حين بلغ عدد تصاريح المنتخبين المحليين الملزمين 4.506 تصريحا. وهكذا، بلغ عدد التصاريح المودعة لدى المحاكم المالية، منذ سنة 2010، ما مجموعه 347.038 تخص أزيد من 100.000 ملزم من مختلف الفئات.
وبحسب التقرير، وفي إطار ممارستها لاختصاصها في تتبع التصريح بالممتلكات، قامت المحاكم المالية خلال سنة 2021 بتوجيه 5.679 إنذارا للملزمين الموظفين والأعوان العموميين الذين أخلوا بواجب التصريح وذلك بناء على المعطيات المحملة بالمنصة الرقمية المعدة لهذا الغرض. ويتعلق الأمر بما مجموعه 4.398 منهم لم يدلوا بالتصريح الأولي أو لم يجددوه، وبما مجموعه 1.281 لم يدلوا بالتصريح بمناسبة انتهاء المهام.
أما بالنسبة للمنتخبين أعضاء مكاتب الجماعات الترابية والغرف المهنية المخلين بواجب التصريح بالممتلكات، فقد وجهت المجالس الجهوية للحسابات 5.021 إنذارا إلى حدود 15 يونيو 2022، منها 1.228 موجهة للمنتخبين المخلين بواجب إيداع التصاريح الموالية لمباشرة المهام أو التجديد الدوري، فيما 3.793 تم توجيهه للمنتخبين المخلين بإيداع التصريح الموالي لنهاية الانتداب.
وسجل تقرير المجلس برسم سنة 2021 أن هذا الأخير شرع في مجموعة من الإجراءات والأعمال التحضيرية من أجل تصحيح النقائص المرصودة على مستوى تنزيل المقتضيات القانونية المؤطرة لهذا الاختصاص، مبينا أن هذه النقائص ترتبط، أساسا، بـ”معايير تحديد الأشخاص الخاضعين وبالسلطات المؤهلة لحصر قوائم الملزمين، حيث سجل على الخصوص عدم شمولية قوائم الملزمين وعدم الدقة في تحديد المهام والسلط الموجبة للتصريح في القوائم بالإضافة لعدم اعتماد معايير موحدة في الإدراج في القوائم برسم نفس القطاع”.
ووقف المجلس كذلك على نقائص تتعلق بنموذج التصريح، إذ لوحظ في حالات عديدة تناقض بين التصريحات المتتالية لنفس الملزم وكذا تأويلات متباينة للأصناف المكونة للممتلكات وإغفال الإشارة لبعض المعطيات، وكذا عدم وضوح ومقروئية البيانات المدرجة.
وخلص التقرير إلى أنه من شأن كل هذه الإجراءات المذكورة أن تمكن المجلس من “ممارسة اختصاصه المتعلق بمراقبة مضامين التصاريح المودعة وفق منهجية مبنية على المخاطر وتستند إلى معايير موضوعية ومحكمة الضبط والتي باشرها خلال سنة “2022.