سناء البوعزاوي
يستعد المغرب حاليا للإحتفال بعيد المسيرة الخضراء ، المظاهرة الإستراتيجية السلمية التي تعتبر من أهم الأحداث بعد الحماية الفرنسية و التي تخلد وبقوة حب الشعب المناضل لملكه المغفور له الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه يوم 6 نونبر1957، و التي لا تقتصر فقط على 350000 رجل و امرأة الذين شاركوا حينها في هاته التظاهرة الخالدة ، والذين كتبوا بقلم من ذهب معنى روح المواطنة و حب الوطن ، بل المبهر في الأمر أن هذا العدد لا يفتأ يتصاعد يوما بعد آخر و سنة بعد سنة حيث أن هذا النضال و هذا الحب يزرعه السلف للخلف اقتداء “بقسم المسيرة الخضراء ” و ينشئه كل أب و كل أم في روح فلذات أكبادها ، وتتفانى الجدات و الأجداد الذين هم على قيد الحياة في سرد أحداثها و بطولة الشعب المغربي الأبي ، و لا تتوانى المدارس المغربية في هاته الفترة من تلقين التلاميذ وتثقيفهم حول المسيرة الخالدة، و تطلق العنان لمواهبهم في إنشاد “صوت الحسن ينادي بلسانك يا صحراء…” وتزيين الفصول الدراسية و الأقسامبرسم الأعلام و الأشخاص الذين شاركوا فيها بالقرآن و العلم المغربي ، غارسين بذلك فيهم الأخلاق الحميدة و الثبات على النشأة السلمية و المسالمة و التي تتمثل في ديننا ؛دين السلام و هذا ما ينهجه ملكنا الهمام ، سبط النبي الكريم ،ابن قائد و مهندس و مبدع المسيرة الخضراء، والذي أكمل مسيرة خلفه بكل حب و سلم و رصانة و رجاحة عقل ، أبونا الروحي و ملكنا محمد السادس نصره الله و أيده و سدد خطاه و الذيصرح غير ما مرة في خطاباته المتميزة التي يلقيها في كل مناسبة ، أن الصحراء مغربية إلى أن يرث الله الأرض و من عليها،بقوله في الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء أن “المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها”
و رغم معرفته اليقينة بالأطراف الرئيسة في النزاع ، فدائما تكون خطاباته على أعلى مستوى من فن التخاطب الجميل الذي لا يزيدنا إلا فخرا و اعتزازا كونه ملكنا و حامي حمى الوطن و الدين والساهر على أمننا في بلدنا الحبيب، وبحكمته القوية ،ونباهته التي ورثها عن أجداده المنعمين جعل من قضية الصحراء أساس الإصطفافات و إقامة الشراكات و تكوين الصدقات ، حيث أكد في خطابه الملكي بمناسبة ثورة الملك و الشعب أن العقيدة الدبلوماسية ستتغير مستقبلا قائلا : “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”.
مضيفا ، “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها”. و هذا يبين من خلال هاته الرسائل المولوية عدم تقبل المغرب للمواقف الضبابية التي تلعب على الحبلين ، و عدم اعترافنا بالمنطقة الرمادية ، فالقرار لا يجب أن يشوبه “ضباب متردد” يجب أن يحسم الأمر ” إما أبيض أو أسود ” !
وقد أكد في خطابه حفظه الله و رعاه خلال الذكرى السابعة و الأربعين للمسيرة الخضراء قائلا: “لدينا والحمد لله، شرکاء دوليون صادقون، يستثمرون إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية، وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة”.
و أضاف قائلا و هو المؤتمن على سيادة الأمة و وحدتها الوطنية و الترابية: ” المغرب لا يتفاوض على صحرائه، ومغربية الصحراء لم تكن يوما ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات ولكن نتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل”.
و ختم جلالة الملك محمد السادس بكل سلم و سلام خطابه بقول ملك الملك : “و لا تستوي الحسنة و لا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ” صدق الله العظيم .