طالب حقوقيون وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، المشرفة على برنامج “فرصة”، بتنزيل مبدأ الشفافية فيما يخص الصفقات العمومية المرتبطة ببرنامج “فرصة”، متسائلين عن كيفية حصول شركة على ما قيمته 23 مليون درهم للترويج للبرنامج، وكيف كانت مسطرة طلبات عروض؟ وكيف كانت شروط الولوج إليه ومدى شفافيتها؟ وهل تم ضمان تكافؤ للفرص بين الشركات المتنافسة؟ وما هي المعايير التي اعتمدت من أجل اختيار هذه الشركة، التي سبق لها أن حازت صفقة في إطار الحملة الانتخابية للحزب الذي تنتمي إليه الوزيرة؟ .
وتساءل سامي المودني رئيس منتدى الصحافيين الشباب، هل يتناسب مبلغ الصفقة مع الأعمال الموكولة للشركة المعنية؟ مضيفا في تدوينة على صفحته بالفايسبوك، أليس هذا المبلغ المخصص للتواصل كبيرا وغير متناسب مع حجم هذا البرنامج الذي سيخصص في إطاره مبالغ 10 مليون سنتيم لحاملي مشاريع؟ بل هل يحتاج هذا البرنامج حملة تواصلية بهذا الحجم من الأصل؟ .
وشدد المودني، قائلا ” نحن الآن لم نعد أمام مشكل يتعلق فقط باستقدام مؤثرين إلى حفل إطلاق برنامج “فرصة”، وإنما أمام إشكال أعمق بكثير يتعلق بأوجه صرف أموال المغاربة، مطالبا أنه ” ما يستلزم ضرورة تقديم إجابات للمواطنين باعتبارهم أولا صوتوا في الانتخابات وثانيا باعتبارهم دافعي ضرائب”.
و كشفت معطيات جديدة عن فضيحة برنامج “فرصة” واستعانة الحكومة بمجموعة من الوجوه “المستوطنة” بفضاءات التواصل الاجتماعي، بصفقات من المال العام، تمنح لكل شخص منهم 30 مليون عن كل فيديو ترويجي، حيث كشفت تسريبات للعقد المفترض على تلقي الطرف الثاني مبلغ يصل إلى ثلاث مائة ألف درهم ، مقابل فيديو تسويقي للموضوع، على أن يتوصل المؤثر بـ60٪ منها مسبقا، ويتوصل بـ40٪ بعد نشر الفيديو على قناته بمنصة اليوتيوب، ويشترط العقد على المؤثر حضور ورشات المشروع مع الحفاظ على سرية المعلومات، بالإضافة إلى حضور فعاليات حفل إطلاق المشروع.
وأفاد هاجم هشام المهاجري النائب البرلماني، أن “برنامج “فرصة” خلق جدلا كبيرا، في ضوء تخصيص حفل بفندق راقي بالرباط للإعلان عنه، وكذلك مبلغ 23 مليون درهم للترويج الإعلامي، وما يقارب 250 مليون درهم للشركة الوطنية للهندسة السياحية للمواكبة والتتبع”، وأضاف على صفحته بـ”الفايسبوك”، أنه إذا كان الهدف من حملة الترويج “المكلفة”، هو أن تصل المعلومة للشباب المستفيد من البرنامج، فالمسألة على أرض الواقع تقول إن جهة مراكش أسفي خصص لها 1200 مستفيد، بما يناهز استفادة 400 جماعة حضرية وقروية، بمعدل 3 مستفيدين لكل جماعة، متسائلا هل اختيار ثلاثة ملفات من كل جماعة يحتاج كل هذا المجهود، وهذه الأموال، قائلا “شي حاجة مراكباش”.
وأكد المهاجري، أن ” ما يهمه هو نجاح البرنامج، والمال العام،وأنه بتحليل بسيط سيوضح مشكل المقاولة والاقتصاد بصفة عامة، حيث 100 مليار سنتيم تخصص لعشرة آلاف شاب وشابة، منها 90 مليار سلف، و25 مليار سنتيم تخصص لـ6 شركات، و23 مليون درهم موجهة للإعلام والترويج”.
وأطلقت الحكومة، برنامج “فرصة” لتشجيع العمل المقاولاتي، الذي من المقرر أن يستهدف 10 آلاف من حاملي المشاريع في جميع قطاعات الاقتصاد، مع ضمان مبادئ المساواة الجهوية والمساواة بين الجنسين, أخذا بعين الاعتبار الصعوبات التي يواجهها الشباب في الوصول إلى مصادر التمويل، والعراقيل التي تواجهها المقاولات الصغيرة جدا، وبالنظر إلى آثار أزمة “كوفيد 19” على الاقتصاد الوطني.
وسيتم تخصيص غلاف مالي لهذا البرنامج يصل إلى 1.25 مليار درهم برسم عام 2022، يهدف إلى مواكبة 10000 من حاملي المشاريع في جميع قطاعات الاقتصاد، مع ضمان مبادئ المساواة الجهوية والمساواة بين الجنسين.
من جهتها شددت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على أنه سبق و أن نبهت إليه الحكومة في بلاغ سابق لها من كون مبادرتها المحتشمة والهشة بخصوص التشغيل من مثل “أوراش” و” فرصة” وبالإضافة إلى كونها لا ترقى إلى حجم وعودها الانتخابية الكبيرة فإنها تخضع في تدبيرها لمنطق الاستئثار الحزبي الضيق، كما وقع في تفويض تدبير برنامج “فرصة” إلى مؤسسة لا تتوفر على الاختصاص القانوني، فضلا عن كونها غير قادرة وغير كفؤة ولا تتوفر على الحد الأدنى من المهنية والحكامة الجيدة كما أثبتت ذلك تقارير رسمية.
ونبهت الأمانة العامة ،الى خطورة خلط الحكومة في تدبيرها للشؤون العامة بين منطقين مختلفين، من جهة منطق تدبير المصالح الخاصة والشركات والمال الخاص ومن جهة أخرى منطق تدبير المصلحة العامة والقطاع العمومي والمال العام، واستبعادها لمبادئ الحكامة الجيدة والتدبير الرشيد للأموال العمومية وغياب الشفافية والمنافسة الشريفة، وتستغرب في هذا الصدد هدر الحكومة لمبلغ 2.3 مليار سنتيم من المال العام عبر تخصيصها للإشهار و”المؤثرين”، لأجل التعريف ببرنامج “فرصة” للتعويض والتغطية على الضعف التواصلي البين والأداء الباهت لوزرائها وعلى ضعف المؤسسة التي أسند إليها تدبير هذا البرنامج واستغنائها عن ماتوفره الإدارة العمومية الموضوعة رهن اشارتها من إمكانيات بشرية وتدبيرية.
وسجلت الأمانة العامة، أن وعود حكومة “الكفاءات” بخصوص التشغيل وشعارها بإحداث مليون فرصة شغل يبدو أنها قد تبخرت في وقت وجيز وتحولت إلى برامج هشة أصبحت حديث الناس لما يشوبها من سوء التدبير والزبونية وغياب الشفافية ولتخلي الحكومة عن مسؤوليتها وتفويضها هذه البرامج إلى جمعيات تدبرها بمنطق الريع والمحسوبية أو إلى مؤسسة غير قادرة وغير كفؤة سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أوصى بحلها.