وسط زخم موسم الاصطياف المنتظر، حمل التقرير السنوي لمراقبة جودة مياه الاستحمام ورمال الشواطئ المغربية بشائر طمأنة للعموم، بعدما كشف عن تحسن غير مسبوق في مستويات النظافة البيئية على السواحل الوطنية.
174 شاطئًا من أصل 196 صُنّف صالحًا للاستحمام خلال صيف 2023، بنسبة بلغت 90.74%، وهي الأعلى منذ انطلاق البرنامج الوطني لمراقبة الجودة قبل أكثر من عشرين سنة.
رقم لم يأت من فراغ، بل جاء تتويجًا لمسار تصاعدي من التحسن بدأ منذ عام 2014، في وقت كان فيه الحديث عن “شاطئ نظيف” يُستقبل بتحفظ وابتسامة مشككة.
هذا التحول ليس مجرد أرقام، بل يعكس مجهودات متراكمة من طرف الوزارة الوصية، إلى جانب شركاء تقنيين ومختبرات متخصصة، كان لهم الفضل في جمع ما يقارب 5000 عينة مياه من 497 محطة، خضعت لتحاليل ميكروبيولوجية صارمة.
ومع أن الصورة العامة تبدو مشرقة، إلا أن التقرير لم يخلُ من منغصات، فقد سُجّلت 39 محطة غير مطابقة للمعايير الصحية، بسبب تأثيرات التلوث، وغياب شبكات التطهير، والاكتظاظ الموسمي الذي يفوق قدرة بعض الشواطئ على الاحتمال.
ولعل النقطة اللافتة في هذا العام، أن 40% من المحطات دخلت خانة “المياه الممتازة”، فيما صُنّفت أخرى على أنها “جيدة” و”مقبولة”، وهو مؤشر على تفاوت الجودة، لكنه في الآن نفسه دعوة إلى تسريع وثيرة التدخل في المواقع المتعثرة.
البرنامج الوطني، الذي يُشرف على تنفيذه مختبر وطني ومراكز بحث، بات اليوم أحد روافع حماية الساحل المغربي من التدهور البيئي، عبر رصد دقيق، وتحاليل منتظمة، وحملات توعية للمصطافين والسلطات المحلية.
وبين سطور الأرقام، يُفهم أن الحفاظ على شواطئ نظيفة ليس ترفًا بيئيًا، بل شرط ضروري لسلامة المصطافين، وتنافسية السياحة الداخلية، وحماية الثروة البحرية في وجه تحديات تغير المناخ.
ولأن البحر لا يكذب، فإن نقاء مياهه يظل مرآة تعكس مدى التزامنا الجماعي، أفرادًا ومؤسسات، بخيار الاستدامة… صيف نظيف يبدأ من هناك.