سلّط تقرير جديد صادر عن مؤسسة “The Brenthurst Foundation” الضوء على التجربة المغربية في مجال تحرير قطاع النقل الجوي، واصفاً إياها بـ”الجريئة” و”الرائدة” في القارة الإفريقية، بالنظر إلى النتائج الاقتصادية والسياحية التي حققتها منذ توقيع المملكة لاتفاقية “الأجواء المفتوحة” مع الاتحاد الأوروبي سنة 2006.
وأعدّت التقرير الباحثة ماري نويل نووكولو، التي اعتبرت أن المغرب تميّز عن بقية الدول الإفريقية باتخاذه خطوات “تحرّرية” في وقت تمسّكت فيه دول كثيرة بسياسات “حمائية تقليدية”، ما كبّل قطاع الطيران بالقارة وحال دون استفادته من ديناميات السوق العالمية.
وأوضح التقرير أن المغرب، باعتباره أول دولة إفريقية تفتح سماءها أمام شركات الطيران الأوروبية، خاض تجربة محفوفة بالتحديات، خصوصاً مع مخاوف من إمكانية تراجع دور شركة الخطوط الملكية المغربية (لارام) في ظل منافسة شرسة من شركات منخفضة التكلفة مثل Ryanair وeasyJet، لكن الواقع أثبت عكس ذلك.
وسجّل التقرير ارتفاعاً لافتاً في حركية الطيران خلال السنوات الأربع التي تلت التوقيع على الاتفاق، إذ نما عدد المسافرين بين المغرب وأوروبا بنسبة تقارب 18% سنوياً، ما ساهم في ضخ نحو مليار يورو في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق ما يناهز 24 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
كما ساعد هذا الانفتاح على ارتفاع عدد السياح بحوالي 6%، إلى جانب انخفاض أسعار التذاكر بنسبة تقدَّر بـ7%، ما جعل السفر إلى المغرب أكثر جاذبية وأتاح فرصاً جديدة للسفر الاقتصادي.
ورغم أن هذا الانفتاح فرض لاحقاً تحديات تفاوضية مرتبطة بمعايير السلامة وتوزيع حصص الهبوط بالمطارات، إلا أن المملكة واصلت إدارة هذا المسار بما يضمن حماية مصالحها. وأكد التقرير أن التجربة المغربية أظهرت كيف يمكن لسياسات التحرير المدروسة أن تحقق مكاسب مزدوجة: نمواً اقتصادياً من جهة، وتعزيز مكانة الناقل الوطني من جهة أخرى.
وأشارت نووكولو إلى أن “التحرير يتطلب إدارة مرنة وتحيينات مستمرة تواكب تطورات السوق”، مضيفة أن “المغرب نجح في توظيف هذه الأدوات للحفاظ على توازنه بين الانفتاح والمنافسة”.
وجاء هذا التقييم الإيجابي في سياق تقرير موسع يرصد وضعية قطاع النقل الجوي بالقارة الإفريقية، حيث شدّد على أن “إفريقيا، رغم احتضانها لـ18% من سكان العالم، لا تمثل سوى 2% من حركة المسافرين الجوية عالمياً”، بسبب “الحمائية، والبيروقراطية، وارتفاع التكاليف”.
وفي هذا السياق، دعا التقرير الدول الإفريقية إلى الاستفادة من الدروس التي تقدمها تجارب ناجحة مثل المغرب وإثيوبيا وجنوب إفريقيا، والعمل على تحرير أجوائها وتبني شراكات استراتيجية تسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي وتيسير التكامل الإقليمي.