بين أمواج المتوسط وتوق العائلات، تستعد ضفّتان لإعادة رسم مشهد الهجرة المؤقتة الذي يتحوّل كل عام إلى طقس وطني. عملية “مرحبا 2025” ليست مجرد عبور عادي لمغاربة العالم، بل هي وعد باللقاء، بوطن يُنتظر، وبرائحة الخبز البلدي وحنان الأمهات.
في مدينة قادس الإسبانية، وفي أروقة رسمية هادئة، التأم الاجتماع السادس والثلاثون للجنة المغربية الإسبانية العليا، محمولاً على همّ مشترك: ضمان مرور آمن، إنساني ومنظّم لأكثر من 3.5 مليون شخص ما بين 15 يونيو و15 شتنبر. رقمٌ ليس مجرد إحصاء، بل مرآة لحكايات وجيعة واشتياق، لوجوه شاحبة تعود وقد لُمعت بأمل.
السلطات من الجانبين شدّدت على ضرورة مضاعفة الطواقم وتجهيز الموانئ وتجديد بروتوكولات التنسيق، فالأرقام هذا العام صاعدة: زيادة متوقعة بـ4% في عدد الوافدين، و5% في عدد المركبات، التي ستقارب 890 ألفاً.
في خلفية هذه الأرقام، ثمة تروس بشرية ستعمل في صمت: نحو 60 ألف موظف ومتطوع ومهني، نصفهم تقريباً سيجند في الضفة الإسبانية، حيث الموانئ تشبه قاعات انتظار عملاقة للعودة.
وفي الذاكرة البصرية لهذه العملية، ستعود موانئ طنجة المتوسط، الحسيمة، الناظور وسبتة لتغدو مسارح للحظات عصية على النسيان. أما من الجانب الإسباني، فموانئ فالنسيا، الجزيرة الخضراء، ملقة وطريفة تستعد بدورها لتكون جسوراً عاطفية قبل أن تكون نقاط عبور.
وفي الأفق، أكثر من 12 ألف رحلة بحرية مجدولة، بزيادة هائلة بلغت 84% مقارنة بسنة 2004، وكأن التاريخ يصرّ على كتابة فصله الجديد بأحرف أكثر اتساعاً.
“مرحبا 2025” ليست فقط عملية لوجستية، بل هي اختبار دائم للعلاقة المغربية الإسبانية، لكرامة المهاجر، ولقدرة المؤسسات على صون إنسانية التنقل.