أي حكومة لما يتم تنصيبها تضع نصب عينيها هدفا مهما هو تقليص هامش الفقر في المجتمع، لأن الفقر يعطل التنمية، وتتباهى الحكومات بالنسب التي حققتها في محاربة الفقر، ومع كامل الأسف والأسى أن حكومة عزيز أخنوش ضيعت سنوات عديدة من الكفاح ضد الفقر في المغرب، فأن يذكر تقرير رسمي صادر عن المندوبية السامية للتخطيط أن ثلاثة ملايين و200 ألف مواطن مغربي تدهورت وضعيتهم المعيشية بسبب الإجراءات الحكومية، فهذا يعني أنها حكومة لم تجلب الخير ولم تحافظ على المكتسبات بل ضيعتها.
أي معنى لأن تضاف أكثر من ثلاثة ملايين مواطن للائحة الفقراء في المغرب؟
هذه الفئة من المواطنين تضررت من إجراءات الحكومة، التي أدت إلى غلاء الأسعار. فإذا كانت هذه النسبة دخلت نادي الفقراء فإن من كانوا ينتمون إليه أصلا أصبحوا مسحوقين بشكل لا يمكن تصوره طبعا لا يمكن لحكومة “تجمع المصالح الكبرى” أن يكون لديها تصور عما هو الفقر وما هو تحت عتبة الفقر.
ينبغي التأكيد على قاعدة أساسية هو أنه لا يوجد بلد يخلو من فقراء، وكانت الصين وحدها أعلنت الوصول إلى عتبة صفر فقير، لكن باعتبارات خاصة بمجتمع آسيوي وشيوعي، ولكن باقي دول العالم كلها توجد بها فئات فقيرة، والفقر يعني العيش دون توفر شروط الترفيه، بمعنى الكفاف وما يسد الرمق، لكن دون الحاجة، بينما ما ينزل عن ذلك فهو يدخل تحت عتبة الفقر، وهنا أوجدت الدول والحكومات صيغا ملائمة للتدخل في إطار التوازن والتوزيع العادل للثروات.
في بلد مسلم يمكن معالجة القضية عن طريق صندوق الزكاة، الذي يصبح الحل للتدخل في حالة وصول أية فئة لعتبة تحت الفقر، وهي عتبة مؤسفة وتحارب عالميا، لكن حكومة عزيز أخنوش لم تكلف نفسها عناء محاربة الفقر، بل إنها حكومة نادرة في العالم باعتبارها لم تحافظ على مكتسبات المغرب في مواجهة الظاهرة.
أرقام مخيفة وتراجعات خطيرة، وما زال أخنوش يقول إنه لم يعد لدينا ما نقدمه “ما بقا عندنا ما نعطيو” و”سالا وقت عطي عطي”، وكأن الحكومة تعطي من جيبها وليس مالا عاما يتم من خلاله تدبير الشأن العام، فتدخل الدولة من أجل فرض التوازنات من مهامها الأساسية، وكان على الحكومة باعتبارها أداة تدبيرية للدولة، أن تتخذ إجراءات جذرية لمواجهة التحولات المحلية والعالمية، وكان بمكنتها فعل الكثير، من قبيل تخفيض ضرائب الاستيراد على المحروقات أو إلغائها ولو مؤقتا كما فعلت العديد من الدول وتخفيض هامش الربح أو إلغائه نهائيا كما فعلت العديد من الدول، بمن فيها الدول المتقدمة، لكن الحكومة فضلت الهروب إلى الأمام ومواصلة الاندحار التاريخي على كافة المستويات، وهاهي تتسبب في كارثة اجتماعية من خلال إضافة عشر المغاربة إلى لائحة الفقراء.