في ذاكرة المغاربة، لا يكاد يمر عيد الأضحى دون أن تُسمع خوار الأضاحي وروائح الشواء تعبق الأحياء. لكن، ربما يجهل البعض أن المغرب شهد في تاريخه عيد أضحى استثنائياً لم تُذبح فيه الأضحية، وهو ما شكّل حدثاً فريداً لازال يتردد صداه حتى اليوم.
يعود بنا التاريخ إلى أربعينيات القرن الماضي، وتحديداً إلى سنة 1943، حيث ضربت البلاد أزمة اقتصادية خانقة بسبب الحرب العالمية الثانية، فاضطرّت السلطات إلى اتخاذ قرار جريء ومؤلم آنذاك: منع ذبح الأضاحي.
القرار صدر بسبب قلة الموارد وضعف القدرة على استيراد المواشي، وارتفاع أسعار الأعلاف، إلى جانب الإجراءات الاحترازية للحد من المجاعة في زمن الحرب.
شكّل القرار صدمة كبيرة للأسر المغربية، إذ يعتبر العيد مناسبة دينية واجتماعية لا تكتمل إلا بذبح الأضحية. وحاولت الدولة التخفيف من وقع الصدمة عبر تعويض المواطنين بطرق بديلة، مثل توزيع لحوم مستوردة أو منح مساعدات مالية محدودة، لكن الطقوس المعتادة غابت.
على الرغم من المنع، لم يتخلَّ المغاربة عن بهجة العيد، فحافظوا على أجواء التكبير والصلاة وتبادل الزيارات. وابتكر البعض طرقاً رمزية للاحتفاء بالمناسبة، مثل توزيع الحلوى أو إقامة موائد جماعية.
يظل عيد الأضحى في تلك السنة حدثاً استثنائياً في تاريخ المغرب، شاهداً على زمنٍ صعبٍ اضطر فيه المغاربة إلى التضحية بأحد أقدس طقوسهم الدينية من أجل الصالح العام. واليوم، يذكرنا هذا الحدث بأهمية التضامن والصبر في مواجهة الأزمات.