ما العلاقة التي تربط بين الجدل الدائر حول مشروع قانون تقنين الاستعمالات الطبية لنبتة القنب الهندي “الكيف” وبين قبول التعديلات على قانون الانتخابات وعلى رأسها “القاسم الانتخابي”؟ لكن لماذا يسعى حزب الأغلبية إلى تحوير النقاش من علمي وقانوني إلى فقهي ديني؟
نعرف أن الحكومة هي من هيأت مشروع القانون المذكور. وهي من تناقشه حاليا، وقد تحيله على لجنة مصغرة وتقنية قصد تجويده. قد يتم تمريره في المجلس الحكومي وقد لا يتم وفق ما تنص على ذلك قواعد الديمقراطية التي تحكم تسيير المجلس حسب قانون داخلي منضبط للقانون والدستور. تم يعرضه المجلس الحكومي، في حال المصادقة عليه، على البرلمان بمجلسيه، ويكون ملزما بالدفاع عنه أمام اللجنتين المختصتين قبل أن يمر إلى الجلسة العامة. ويمكن قبوله داخل اللجنة أو رفضه، وبعد عرضه على الجلسة العامة يمكن قبوله أو رفضه.
يعني صاحب القرار النهائي في إقرار التشريع من رفضه هو البرلمان، وبالتالي هو سيد نفسه، وتتم العمليات داخله بالتصويت وبالتوافق قبل التصويت أحيانا، وكل قانون حصل على أغلبية أصوات الحاضرين يعتبر جاهزا. وتبقى هناك مرحلة أخرى عندما يتم عرض القانون بعد المصادقة عليه على المحكمة الدستورية، التي لها حق رفضه وقبوله، ومن حق البرلمانيين الطعن أمام هذه المحكمة في القوانين بعد التصويت عليها.
لا نعرف اليوم من يقود الحكومة ولا من يمثل الأغلبية ولا نعرف هل ما زالت توجد لدينا أغلبية أم لا، فأشد الأحزاب معارضة للحكومة اليوم هو الحزب الذي يقودها، وهذه لعبة قديمة لدى هذا الحزب، واستغل رفضه ل”القاسم الانتخابي” ليمارس معارضة مغشوشة يتخلص بواسطتها من تبعات التسيير لمدة عشر سنوات كاملات.
وكي يزيد من حجم المعارضة للحكومة يواجه مشروع قانون ما زال في طور النقاش، ويتعلق الأمر بمشروع قانون حول تقنين الاستعمالات الطبية للقنب الهندي..من حيث العلمية والقانونية فللمشروع انعكاسات إيجابية على المجتمع في الجغرافية التي لا تعرف سوى هذه النبتة. فهذه المنطقة التي اعتادت تاريخيا على هذه الزراعة يستغلها فقط تجار المخدرات ومافيا التهريب الدولي بينما يصلهم هم الفتات فقط، واليوم بهذا القانون سترجع لهم كرامتهم عبر بيع منتوجهم لشركات عمومية تؤسسها الدولة.
سيتم إنجاز مشاريع موازية تقوم بتجفيف النبتة وربما استخراج زيوت منها وغيرها وتصديرها عبر دول العالم، ويعود بذلك نفعا على المواطن وعلى الخزينة العامة، ولا نعرف الرابط بين انتفاضة الزعيم بنكيران ومطالبة القيادي في الحزب الإسلامي عزيز رباح بتطبيق الوطن غفور رحيم في حق تجار المخدرات. لا نعرف هل هناك علاقة انتخابية أم شيء آخر؟
مشروع القانون واضح في تخصيص الأمر للاستعمالات الطبية. فلم طلب الفتوى من المجلس العلمي الأعلى؟ عمليا استعمل الصحابة، وهم أقرب الناس فقها لرسول الله صلى عليه وسلم، نبتات مخدرة في العلاج. وكانوا قبل إزالة شظايا الحديد يخدرون المصاب. لو كان القانون يتعلق بتدخينها لكانت للفتوى قيمة. تم ما هي علاقة الحكومة التي يريد الحزب أن يطلب منها أن تتقدم بالفتوى بقضية الفتوى؟ يمكن للحكومة طلب رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لكن الفتوى خاصة بالنوازل وهي من اختصاص إمارة المؤمنين، وبعيدة كل البعد عن أي استغلال سياسي.
العدالة والتنمية يظن أنه سيفقد كثيرا من المقاعد البرلمانية نتيجة تدبيره السيئ ونتيجة “القاسم الانتخابي” وبالتالي يركبها من الدين كي يعيد لنفسه بريقا فقده مع التدبير الحكومي. وهي شكل من أشكال “التكيف” مع الظروف فقط لأن الفريق الأكبر في البرلمان يصوت لقانون المالية الذي يتضمن ضريبة “الخمور” الواضحة التحريم.
الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات والحزب الإسلامي، الذي لم ينتج فقهاء ولا فقها، يميل إلى المتشابهات لأنها مجال التدليس والتلبيس.