ارتفع الجدل حول مدى تعزيز الترسانة القانونية لجعل الولوج إلى مجال الصفقات العمومية يتسم بالشفافية والمساواة ، حيث أكد باحثون أن “التحدي الرئيسي الذي يواجه هذه المنظومة القانونية الجديدة يتجلى في القدرة على التوفيق بين مبادئ الشفافية والمنافسة والفعالية في الطلبيات العمومية والتحديد الدقيق للاحتياجات، وإزالة الطابع المادي عن المساطر، والتعاقد الإلكتروني، وتفعيل الرقابة الداخلية والخارجية، والجودة والاستغلال الأمثل للموارد، والتقديم الدوري للحسابات”.
واعتبر باحثون، أن إصلاح منظومة الصفقات العمومية بكونه “سيرورة لا تنتهي، وتتطور دائما في أفق تحسين وتجويد هذه المنظومة، لتلبية احتياجات المرفق العام، والمرتفق والمقاولة المتعاقدة بشكل أفضل”، موردا أنه “على المستوى التنظيمي يجب على الدولة تطوير آليات الرقابة الداخلية، واستخدام مؤشرات الأداء وأدوات علمية لتحديد الاحتياجات، وجمع الترسانة القانونية في إطار قانوني واحد، ونشرها لتسهيل الحصول على المعلومة القانونية من الجميع”.
وكان مجلس النواب، صادق بالأغلبية، على مشروع قانون رقم 54.22 يقضي بتتميم وتغيير القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة، وعدد من الهيئات والمؤسسات الأخرى.
وفي كلمة تقديمية لمشروع القانون، قال الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إن المصادقة على هذا النص “ستمكننا من تفعيل إصلاح مرسوم الصفقات العمومية في أقرب الآجال، وكذا توسيع مجال تطبيقه ليشمل كافة المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، وباقي المؤسسات الخاضعة للمراقبة المالية للدولة أو لقواعد خاصة في مجال المراقبة”.
وأوضح لقجع أن الأهداف المتوخاة من خلال توسيع وتوحيد نطاق تطبيق مرسوم الصفقات العمومية، يمكن تلخيصها في توحيد وتنميط طرق تدبير المشتريات العمومية بالنسبة لجميع الفاعلين، و تبني اعتماد مرجع موحد لصفقات المشترين العموميين، والاستجابة قدر الإمكان للانتظارات المتزايدة للفاعلين الاقتصاديين الوطنيين والدوليين في ما يخص هذا التوحيد كما سيمكن هذا القانون، وفق لقجع، من اعتماد دعامة مميزة لتأطير عملية المشتريات العمومية قادرة من خلال نظام مرجعي موحد على توحيد المفاهيم وضمان التفسير الأوحد للإطار المنظم للصفقات العمومية، وكذا ملائمة النصوص القانونية مع المعايير والقواعد المعتمدة من طرف الهيئات الدولية التي توصي بإنشاء إطار موحد لإبرام وتنفيذ الصفقات العمومية.
وأكد المسؤول الحكومي، أن عملية توسيع مجال تطبيق المرسوم كانت قد انطلقت منذ سنة 2013، لا سيما من خلال إدراج الجماعات الترابية وأعمال الهندسة المعمارية وبعض المؤسسات العمومية. وذلك في إطار نظام مرجعي موحد للصفقات العمومية.
وأشار المتحدث إلى أن مسلسل توسيع مجال هذا المرسوم، استمر في إطار اتفاقية الشراكة المبرمة مع البنك الإفريقي للتنمية وذلك من خلال اعتماد نظام وطني للصفقات العمومية من أجل إبرام الصفقات التي يتم تمويلها من طرف هذه المؤسسة وتابع أنه تم بذل المزيد من الجهود مع المؤسسات الممولة الأخرى لبلوغ نفس الأهداف وحثهم على اعتماد نظام وطني موحد مرتبط بالصفقات العمومية، مبرزا أنه بهدف تفادي تشتت النصوص المنظمة للإطار القانوني والمؤسساتي لإبرام الصفقات العمومية، تم إحداث لجنة دائمة ضمن الجهاز التداولي للجنة الوطنية للطلبيات العمومية، مكلفة بتتبع صفقات الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، عوض اللجنة الخاصة التي كانت مرتبطة فقط بالجماعات الترابية.
وذكر لقجع أنه بالموازاة مع ذلك تم منذ سنة 2013، اعتماد بوابة الصفقات العمومية كبوابة واحدة وموحدة لتدبير كافة مكونات برنامج نزع الصفة المادية للطلبيات العمومية.
وسجل الوزير أن القانون رقم 54.22 القاضي بتتميم وتغيير القانون رقم 69.00، يقترح أن تخضع للإطار التنظيمي المتعلق بإبرام الصفقات العمومية، مشتريات المؤسسات العمومية، باستثناء الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، وكذلك المؤسسات العمومية المشار إليها في الجدول 1 الملحق بالقانون نفسه.
وأضاف أن مجموع المؤسسات التي تمارس أنشطة تجارية، تجعلها غير قابلة لإخضاعها لمقتضيات هذا المرسوم، وكذا أشخاص القانون العام الخاضعون للمراقبة المالية للدولة، فضلا عن أشخاص القانون العام الآخرون الخاضعون لقواعد خاصة في مجال المراقبة على أساس قائمة يتم تحديدها بمرسوم.