أنهت مصادقة المجلس الحكومي، على مشروع القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، الجدل القائم حول المشروع، وأهداف تقنين “الكيف”، وساهمت المصادقة الحكومية في غلق باب المزايدات السياسية على مشروع قانون يوافق المبادئ و القوانين الدولية، بعدما صوتت “لجنة المخدرات” بالأمم المتحدة، على قرار يخص إعادة تصنيف “القنب الهندي”، حيث وافقت الدول الأعضاء الـ53 بالغالبية على حذف تلك النبتة ذات المفعول المخدر من الجدول رقم 4 المرفق بالاتفاقية الأممية للمخدرات لعام 1961، الذي يتضمن أنواع المخدرات التي تشكل إساءة استعمالها خطراً على الصحة والتي لا إيجابيات علاجية لها.
وأوضح سعيد أمزازي الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن مشروع القانون الذي تقدم به وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت والذي تمت بلورته انسجاما مع الالتزامات الدولية للمملكة، يروم إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص، وخلق وكالة وطنية يعهد لها بالتنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي مع الحرص على تقوية آليات المراقبة.
كما يقضي مشروع القانون ، يضيف السيد أمزازي، بفتح مجال للمزارعين للانخراط في التعاونيات الفلاحية، مع إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير، فضلا عن سن عقوبات لردع المخالفين لمقتضيات هذا القانون.
وكشفت ديباجة مشروع القانون، التي حصلت “النهار المغربية” على نسخة منه ” أن العديد من الدول لجأت إلى تغيير مقاربتها بشأن نبتة القنب الهندي من خلال تبني قوانين تروم تقنين زراعتها وتحويلها وتصنيعها وتوزيعها واستيرادها وتصديرها، وتنظيم مجالات استعمالاتها المختلفة”، وأفاد المشروع ،” أن المغرب كان سباقا لوضع إطار قانوني ينظم استعمال المخدرات لأغراض طبية من خلال الظهير الصادر في 2 دجنبر 1922، غير أن ظهير 24 أبريل 1954 وضع حدا لزراعة القنب الهندي في كافة الأنشطة المشروعة.
وأشار المشروع، إلى اعتماد اللجنة الوطنية للمخدرات المنعقدة في 11 فبراير 2020 توصيات منظمة الصحة العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص شديدة الخطورة والتي ليست لها قيمة علاجية كبيرة، حيث أوضحت وزارة الداخلية أن دراسات وطنية خلصت إلى أن المغرب ” يمكن له أن يستثمر الفرص التي تتيحها السوق العالمية للقنب الهندي المشروع بالنظر لمؤهلاته البشرية والبيئية، علاوة على الإمكانيات اللوجستيكية والموقع الاستراتيجي للمملكة القريب من أوروبا التي تعد الأكثر إقبالا على منتوجات القنب الهندي”.
ويحمل مشروع القانون، الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام ترخيص، وينص المشروع كذلك على خلق وكالة وطنية يعهد إليها بالتنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي مع الحرص على تقوية آليات المراقبة”.
وتنص المادة 3 من مشروع القانون، على ” أنه لا يمكن ممارسة أحد الأنشطة المرتبطة بالقنب الهندي إلا بعد الحصول على رخصة تسلمها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بـ”الكيف”.
وينتظر المشروع، أن” يحدد مرسوم الأقاليم المعنية بزراعة وإنتاج القنب الهندي، والدواوير والمناطق التي يمكن لأفرادها الحصول على ترخيص بعد استيفاء طالب الرخصة للشروط التالية: التوفر على الجنسية المغربية، بلوغ سن الرشد القانوني، السكن بأحد الدواوير المكونة لأحد الأقاليم المرخص لها بمرسوم، الانخراط في تعاونيات تنشأ خصيصا لهذا الغرض، أن يكون مالكا للقطعة الأرضية اللازمة لهذا الغرض أو حاصلا على إذن من المالك لزراعة القنب الهندي بالقطعة المذكورة، أو على شهادة مسلمة من لدن السلطة الإدارية المحلية تثبت استغلاله لهذه القطعة.
ويحدد المشروع ذاته شروط الحصول على رخصة تحويل القنب الهندي وتصنيعه ورخصة نقله ومنتجاته، ويشير إلى أن شركات التحويل والتصنيع يجب أن تتوفر على مخازن مؤمنة ومحروسة لتخزين محاصيل القنب الهندي التي تقتنيها من التعاونيات.
وحول الاستعمال الطبي، كشف المشروع ” المزايا العلاجية للقنب الهندي تنكشف أكثر فأكثر من طرف الهيئات العلمية المختصة، وهو يعتبر فعالا بشكل خاص في علاج الأمراض التالية في الأمراض العصية “التوليدية” مثل الباركنسون والزهايمر… والأمراض الناجمة عن الالتهابات المرتبطة بالمناعة الذاتية وداء التهاب الأمعاء “الكرون”، كما يعتبر فعالا في علاج بعض الأمراض السرطانية والصرع وعدد من أمراض الجهاز العصبي المركزي.
ويستعمل القنب الهندي المشروع في الاستعمال الصناعي، إذ يتم استعماله في البناء من خلال ما يعرف بخرسانة القنب الهندي والطلاء الذي يستعمل فيه القنب الهندي إلى جانب الجير لتحقيق العزل الصوتي والحراري، كما يستخدم في صناعات النسيج، وصناعة الورق، وصناعات السيارات التي توظفه في صنع لوحات القيادة وتقوية الأبواب وأجزاء أخرى من السيارات، ويستخدم القنب الهندي أيضا في صنع بعض الأغذية الحيوانية، واستخلاص بعد المكونات الغذائية للاستهلاك البشري مثل بعض الفيتامينات والمعادن والأحماض.
و أجازت العديد من الدول على غرار هولاندا واسبانيا والبرتغال وفينلندا بالإضافة إلى عدد من الولايات الأمريكية استخدام القنب الهندي كدواء لعلاج بعض الأمراض. ويحصل المرضى على وصفات طبية تحتوي على القنب الهندي. وفي ألمانيا يستخدم القنب الهندي منذ عام 2011 لإعداد وصفات طبية، بناءً على تصاريح خاصة حصل عليها المعهد الألماني للمواد والأدوية الطبية،وتقوم المختبرات الطبية بتحضير أدوية ممزوجة بالقنب الهندي، يتم تناولها على شكل قطرات، تنتقل عبر الفم وبسرعة إلى دم المريض.
وتظهر العديد من الدراسات المفعول الجيد للقنب الهندي لعلاج بعض الأمراض، ورغم أنه لا يعالج المرض بشكل كامل، إلا أنه يقلل من حدة الآلام ومن درجة معاناة المرضى، كالذين يعانون من تشنج في العضلات أومن تصلب الأنسجة، و رباعي هيدرو كانابينول، الذي يعرف اختصارا بـ “THC”، وهو الجزيئة الأكثر شهرة في نبات القنب الهندي الذي يجعل العضلات تسترخي، وبالتالي يمكن للمريض الحركة على نحو أفضل، ويقدم القنب الهندي كدواء أيضا للمصابين بمتلازمة توريت “خلل عصبي وراثي” أو للمصابين بمرض الباركنسون “اضطراب في النظام الحركي” والإضطرابات العصبية المزمنة. كما أن الدراسات أثبتت فعالية الأدوية التي تحتوي على القنب الهندي لدى بعض أنواع السرطان. ذلك أن المصابين بالسرطان يعانون من الدوار الذي تسببه حصص العلاج الكيميائي ، ويتم التخلص من ذلك برباعي هيدرو كانابينول.