16 ماي من الألم الى الأمل …مسار من التحديث و التطور خدمة للاستقرار و الأمن في المغرب
تحلّ في شهر ماي من كل عام ذكرى أليمة في ذاكرة المغاربة، وهي أحداث 16 ماي 2003، التي هزّت مدينة الدار البيضاء بتفجيرات إرهابية دموية، أسقطت أرواحًا بريئة وخلّفت جراحًا غائرة في وجدان الوطن. لكن تلك الفاجعة شكلت أيضًا نقطة تحول كبرى في المقاربة الأمنية للمغرب، حيث أعادت الدولة تقييم سياساتها الأمنية، وأطلقت دينامية جديدة عززت قدرات أجهزتها الأمنية، وعلى رأسها المديرية العامة للأمن الوطني.
وتأتي هذه الذكرى هذه السنة متزامنة مع الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين لتأسيس الأمن الوطني، في ظل قيادة مهنية وفعّالة للسيد عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني. وقد شكلت قيادته نقطة تحول حقيقية، إذ أعطى دفعة قوية لتحديث المؤسسة الأمنية، عبر إدخال إصلاحات هيكلية، وتعزيز الجانب الاستخباراتي، وتطوير وسائل العمل، ما جعل المغرب يرسخ مكانته كواحد من أكثر الدول استقرارًا في محيطه الإقليمي.
إن ما يميز النموذج الأمني المغربي هو الدمج الناجع بين العمل الميداني الصارم والتخطيط الاستباقي، وهو ما تجلّى في النجاحات المتوالية في إحباط العشرات من المخططات الإرهابية، وتفكيك الخلايا المتطرفة، بفضل يقظة المصالح الأمنية وتنسيقها المحكم، وخاصة من خلال المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. كما ساهمت “الدبلوماسية الأمنية” التي انتهجها المغرب، بقيادة الحموشي، في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، من خلال تبادل المعلومات الأمنية، وتقديم الدعم اللوجستي والمعلوماتي لعدد من الدول، ما أكسب الأمن المغربي احترامًا وثقة في المحافل الدولية.
ولا يقتصر دور الأمن الوطني على مكافحة الإرهاب، بل يمتد إلى التصدي لكافة مظاهر الجريمة، من تهريب المخدرات، والاتجار بالبشر، والعنف، والجريمة المنظمة، حيث أبانت الشرطة المغربية عن احترافية عالية في تعقب الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن لدى المواطنين.
كما يندرج مفهوم الأمن في المغرب ضمن مقاربة إنسانية ومجتمعية من خلال “شرطة القرب”، التي تهدف إلى تعزيز التواصل المباشر بين رجال الأمن والمواطنين، والإنصات لانشغالاتهم، وتكريس صورة الشرطة كشريك في الحياة اليومية. وتأتي مبادرة “الأبواب المفتوحة للأمن الوطني” كترجمة عملية لهذا التوجه، حيث تتيح للمواطنين التعرف على أدوار ومهام مختلف المصالح الأمنية، وتكريس الشفافية والانفتاح في العلاقة بين المواطن وجهاز الأمن.
إن المغرب، بقيادة أمنية رشيدة ومتفانية، استطاع أن يتحول من ضحية لهجمات إرهابية في 2003 إلى نموذج يحتذى به في الأمن الوقائي والاستباقي، معتمدًا على كفاءات بشرية عالية، وتكنولوجيا متطورة، ومقاربة أمنية شاملة. واليوم، يقف المواطن المغربي في ذكرى 16 ماي وقفة تقدير لتضحيات رجال ونساء الأمن الوطني، الذين جعلوا من حماية الوطن أولوية ورسالة، ولقيادة أمنية واعية جعلت من الأمن دعامة أساسية للاستقرار والتنمية.