في الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك مساء اليوم بمناسبة الذكرى السابعة والأربعون للمسيرة الخضراء، أظهر جلالته للآخرين أن رؤيتنا كمغاربة ملكا وشعبا مبنية على فلسفة واضحة تؤطر حركتنا وعملنا، إذ تهدف كل مسيرات المغرب إلى تحقيق “كرامة الصحراويين”، وهي الفلسفة الملكية الناظمة لكل الفعل تجاه أقاليمنا الجنوبية، وقال جلالته “إذا كانت هذه الملحمة الخالدة، قد مكنت من تحرير الأرض، فإن المسيرات المتواصلة التي نقودها، تهدف إلى تكريم المواطن المغربي، خاصة في هذه المناطق العزيزة علينا. ومن هنا، فإن توجهنا في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة”.
لم يتعامل المغرب مع المنطقة بعد استرجاعها من المستعمر الإسباني وفق منهج أحادي ولكن بمنهج تكاملي متعدد الأبعاد، فلم ينتظر المغرب نهاية المسار السياسي والديبلوماسي قصد القيام بواجبه تجاه أبنائه بالأقاليم الجنوبية، حيث بموازاة المسار السياسي والديبلوماسي، والدفاع بقوة عن وجهة النظر المغربية قام المغرب بمجهود كبير في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو العمل الجبار الذي شهد به الجميع حيث حول المغرب هذه الأقاليم من مجرد رمال إلى عمران مترامي الأطراف ومشاريع وغيرها.
واليوم يتم تقريب المسافة بين جهات المغرب وخصوصا بالأقاليم الجنوبية، حيث أنجز الطريق السيار الرابط بين تيزنيت والداخلة، الذي اختصر المسافة والمدة الزمنية، والذي ينتمي إلى المشروع التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أشرف جلالة الملك سنة 2015 على التوقيع على اتفاقياته، والذي تم حتى الآن إنجاز 80 في المائة من مشاريعه المقررة وهي كلها مشاريع ضخمة.
وسيتم الشروع قريبا، في أشغال بناء الميناء الكبير الداخلة – الأطلسي، بعد الانتهاء من مختلف الدراسات والمساطر الإدارية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، الذي يعد المحرك الرئيسي للتنمية، تم إنجاز مجموعة من المشاريع، في مجال تثمين وتحويل منتوجات الصيد البحري، الذي يوفر آلاف مناصب الشغل لأبناء المنطقة.
وفي المجال الفلاحي، تم توفير وتطوير أزيد من ستة آلاف هكتار، بالداخلة وبوجدور، ووضعها رهن إشارة الفلاحين الشباب، من أبناء المنطقة.
وقد شهد المجال الاجتماعي والثقافي، عدة إنجازات في مجالات الصحة والتعليم والتكوين، ودعم مبادرات التشغيل الذاتي، والنهوض باللغة والثقافة الحسانية، باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية الوطنية الموحدة.
وربط جلالة الملك بين تنمية الأقاليم الجنوبية وتطوير بنياتها والعلاقة مع إفريقيا جنوب الصحراء، حيث يعتبر المغرب بوابة ربط بين العالمين الأوروبي والإفريقي وبعد تطهير معبر الكركرات من إجرام الانفصاليين أصبحت الطريق اليوم معبدة نحو إفريقيا.
وحسب جلالة الملك فإن التوقيع على اتفاقية أنبوب الغاز المغرب_نيجيريا يعكس التزام البلدان المعنية، بالمساهمة في إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي، وإرادتها السياسية لإنجاحه، ويعتبر هذا الأنبوب أكثر من مشروع ثنائي، بين بلدين شقيقين. وإنما مشروعا استراتيجيا، لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة، وستكون الصحراء أول المناطق استفادة منه بما تحتوي عليه من بنيات قوية.