يدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرحلة جديدة من ولايته الرئاسية وسط مؤشرات تؤكد أن الأيام المئة المقبلة ستكون أكثر تعقيدًا من سابقتها، في ظل انقسام داخلي في الحزب الجمهوري وتحديات متزايدة على مستوى التشريع والسياسات العامة.
فبعد أن أمضى أول مئة يوم من ولايته بإصدار سيل من الأوامر التنفيذية، وإعادة توجيه السياسات الخارجية للولايات المتحدة، وتقليص دور الحكومة الفيدرالية، يواجه ترامب الآن معركة مختلفة: تحويل رؤاه السياسية إلى قوانين قابلة للتطبيق تصمد أمام الزمن والتغييرات السياسية.
ستيفن دوفر، رئيس معهد فرانكلين تيمبلتون، أشار في مذكرة موجهة إلى المستثمرين أن “المرحلة الأولى من ولاية ترامب اتسمت بالسرعة والحضور القوي، لكن المرحلة القادمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة الإدارة على المناورة داخل المؤسسة التشريعية”.
ومع احتدام النقاش حول قضايا كبرى مثل الضرائب، وأمن الحدود، والسياسة الطاقية، تزداد أهمية الحصول على دعم الكونغرس، الذي لا يزال منقسمًا حتى داخل الحزب الجمهوري نفسه. الأغلبية الجمهورية الهشة في مجلسي الشيوخ والنواب تفرض على ترامب بناء تحالفات دقيقة وحذرة، خاصة مع تراجع شعبيته وفقًا لاستطلاعات حديثة.
وبينما تبقى الأوامر التنفيذية وسيلة سريعة للنفاذ إلى السياسات، فإنها تظل عرضة للطعن القضائي ويمكن إلغاؤها من قبل خلفائه. أما السياسات طويلة الأمد، خاصة تلك المرتبطة بالإنفاق العام والإصلاحات الاقتصادية، فتتطلب مسارًا تشريعيًا شاقًا لم يسبق للرئيس أن تفوق فيه خلال ولايته السابقة.
ففي رئاسته الأولى، فشل ترامب في إلغاء قانون “أوباما كير”، رغم أن ذلك كان من أبرز وعوده الانتخابية. كما لم يُحقق أي اختراق في ملف كوريا الشمالية، رغم القمم التي جمعت بينه وبين كيم جونغ أون. ومع ذلك، يحسب له دوره في إبرام اتفاقيات أبراهام بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
المشرعون من جانبهم لم يظهروا أداءً أفضل. فعدد مشاريع القوانين التي أُقرت في أول مئة يوم من ولاية ترامب كان الأدنى منذ عقود، ما يزيد من تعقيد مهمته في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل سعيه لإقرار تخفيضات ضريبية جديدة قد تصل تكلفتها إلى 5 تريليونات دولار خلال عشر سنوات، وهو ما يثير تحفظات الجناح المحافظ الذي يطالب بخفض مواز في النفقات.
وحتى موعد الرابع من يوليو الذي حدده الجمهوريون كأفق لتمرير أجندة الرئيس، تبقى الأسئلة مطروحة حول مدى قدرة ترامب على رأب الصدع داخل حزبه، وتمرير سياساته في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية وسياسية معقدة.