شدد أحمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على أن ” الحوار الاجتماعي على أهميته، لا يرقى إلى مستوى التطلعات، ولا يواكب التحديات التي تَفْرِضُها تحولات النظام الاقتصادي العالمي، والثورة الرقمية، ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا”ن وأضاف الشامي في لقاء تواصلي عقده المجلس، لتقديم مقترحاته الخاصة “بالحوار الاجتماعي”، أنه يتعيّن على بلادنا، استكمالا للتوجيهات الملكية، إرساء بكيفية تشاركية، جيلا جديدا لمنظومة الحوار الاجتماعي ومأسسته يتم فيه الحرص على تعزيز تمثيلية الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والانفتاح على فاعلين جُدد وتوسيع جدول أعمال الحوار الاجتماعي بمواضيع جديدة.
وأكد الشامي على ضرورة تكريس إرادة سياسية قوية عبر إحداث قانون إطار يهم الحوار الاجتماعي، ومأسسة هذا الأخير بطريقة متكاملة وشاملة جهويا وإقليميا ومحليا، و توسيع تمثيلية الشركاء الاجتماعيين وإدماج العاطلين والعاملين في القطاعات غير المهيكلة في هذا الحوار لتقوية مشروعيته على الصعيد الوطني.
وأشار أنه من الضروري توسيع نقاط جدول الأعمال التي تناقش في اجتماعات الحوار الاجتماعي، من خلال مناقشة القدرة الشرائية للمواطنين والموطنات، وتكوين العاملين والرفع من إنتاجيتهم وتقوية قدراتهم، وعدم الاكتفاء بمناقشة الرفع من الأجور فقط.
وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في ذات اللقاء، وفي مقترحاته المتعلقة بورش بناء منظومة متقدمة للحوار الاجتماعي، على ضرورة أن تتوفر الإرادة السياسية من خلال إصدار قانون-إطار للحوار الاجتماعي، يحدد المبادئ والقواعد الملزِمة للأطراف المعنية، ويوضح مسؤولياتها، ويضع آليات الحوار.
ونبه إلى ضرورة رساء منظومة مغربية- مغربية للحوار الاجتماعي على أن تكون هذه المنظومة متلائمة مع الالتزامات الدولية لبلادنا في هذا المجال، وأن تستفيد من الممارسات الجيدة للتجارب الدولية الرائدة والناجحة.
وأوصى المجلس بتعزيز تمثيلية الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، بما يقوي مشروعية الحوار الاجتماعي ويوسع تمثيلية أطرافه (العاملات والعاملون في الأنشطة المعيشية على الصعيد الإقليمي والجهوي/ القطاع الثالث بين القطاعين العام والخاص/ العاطلون)، وهو ما يساهم بحسبه في تكريس قيم المشاركة ومحاربة مَظَاهر الإقصاء التي قد تُفْرِز أشكالا جديدة من الاحتجاج خارج ما يتيحه الدستور والقوانين.
كما دعا إلى توسيع جدول أعمال الحوار الاجتماعي لكي يَشْمَلَ مواضيع جديدة ومتنوعة، منها العمل اللائق؛ تحسين القدرة الشرائية؛ تأهيل وتكوين وتثمين الرأسمال البشري؛ المساواة بين الجنسين في مجال العمل؛ تطوير التنافسية والمردودية.
وتطوير وتعميم الاتفاقيات الجماعية لأن الاتفاقيات الجماعية المنصوص عليها دستوريا، تساهم في استقرار علاقات الشغل، وتوفير شروط العمل اللائق، وتحسين إنتاجية وتنافسية القطاع والمقاولة، مؤكدا على ضرورة أن ينفتح الحوار الاجتماعي على فاعلين جُدد من قَبِيل المجتمع المدني والفعاليات الجامعية ومراكز التفكير، تجسيدا لقيم المشاركة المواطِنة والتعاون، وإغناء للحوار.
و تضمّنت مخرجات آرائه حول الحوار الاجتماعي بالمغرب، عشر رافعات من أجل جيل جديد من منظومات الحوار الاجتماعي، استهلّها برافعة الإرادة السياسية، وأوصى المجلس بمأسسة منظومات متكاملة للحوار الاجتماعي؛ من خلال إصدار قانون إطار يحدد المبادئ والتوجهات والمعايير والأهداف التي تتأسس وفقها منظومة متكاملة للحوار الاجتماعي بجميع مستوياته، الوطني والقطاعي والجهوي وداخل المقاولة، ويحدد كذلك مكونات وآليات المنظومة بالقطاعين العام والخاص.
و دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى الارتقاء بمجلس المفاوضة الجماعية إلى هيئة وطنية استشارية للحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، مع دعمها بالإمكانيات البشرية والمادية، واعتماد مقاربة تشاركية وتوافقية في إطار إعداد قانون النقابات والقانون التنظيمي المتعلق بالإضراب والقوانين ذات الصلة، بما يضمن الحرية النقابية، ووفقا لمعايير منظمة العمل الدولية.
وموازاة مع الدخول الاجتماعي الجديد، دعا المجلس إلى تعزيز الحوار الاجتماعي باعتباره أداة للديمقراطية التشاركية، وتعزيز دوره في التدبير العمومي والسياسات العمومية؛ وذلك عبر مبادرة السلطة العمومية أو المؤسسة العمومية بتشكيل هيئة خاصة ومتعددة الأطراف لتدبير مسلسل الحوار واقتراح الحلول ورسم الإستراتيجيات، عند كل مباردة تروم تحقيق إصلاح مهم في قطاع ما.
و سجل المجلس جملة من الملاحظات على مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، مشيرا إلى أنه أغفل عددا من المرتكزات؛ أولها الإجابة عن التحديات الجدية التي يعرفها الواقع المغربي، مثل إشكالات التمثيلية وضعف الانتماء النقابي والمهني وتشتتهما وضعف الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، وسجل المجلس كذلك إغفال مشروع القانون المذكور التأكيد على أدوار المنظمات النقابية والمهنية والاقتصادية والاجتماعية باعتبارها وسائط اجتماعية تسهم في تكريس السلم الاجتماعي وتحقيق التنمية.
وانتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ما سماه تكريس مشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية “حرمان الانتماء النقابي على بعض فئات الموظفين العاملين في خدمة الدولة والخاضعين لأنظمة خاصة”، معتبرا أن هذا الأمر يخالف أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، كما انتقد المجلس ما سماه “التمييز ضد الأجانب” في مشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية، بمنعهم من إدارة النقابات، وكذلك لفرضه قيودا على تلقي الدعم المالي من الخارج والتعاون الدولي للنقابات.
وانتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “المبالغة في المقتضيات الزجرية” الواردة في مشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية، مشيرا إلى أن المشروع يتضمن 14 مادة تهم المراقبة والمقتضيات الزجرية؛ 11 مادة منها تنص على عقوبات بالسجن والغرامة، وهو ما حذا بنجاة السيمو، رئيسة لجنة التشغيل والعلاقات المهنية بالمجلس، إلى القول: “هذا ولّا قانون جنائي ما بقاش قانون النقابات”.