يبقى محمد حاجب إرهابي بلغة القانون، لأنه تم الحكم عليه في قضايا الإرهاب لمدة سبع سنوات، وبعد خروجه من السجن لم يعلن توبته كما فعل كثيرون، ولكن استمر في الدعوة إلى القتل. هذا الوصف ينطبق على كل مجرم يعود إلى سابق عهده بالإجرام مثل تجار المخدرات واللصوص.
لم يعد حاجب يدعو فقط للإرهاب ولكن أصبح يعطي الدروس في الفن، حيث اعتبر في شريط مصور نشره أول أمس الأحد على حسابه بتويتر، أن تفكيك الخلايا الإرهابية مجرد “عرض مسرحي”، وهذه لغة المتورطين، حيث يسخرون من عمل الجهات التي تواجههم في محاولة للنيل منها بحثا عن ثغرة ينفذون منها لتنفيذ مخططاتهم.
فحاجب يعرف أن الخلايا المذكورة حقيقية، وأن التهديد الإرهابي موجود، فليس هو من النوع البسيط في المشهد الجهادي، حتى يوجه النداء تلو النداء قصد ارتكاب أعمال انتحارية دون أن يكون على علم بوجود أشخاص مؤهلين للقتل عن طريق العمليات الانتحارية، فمن الأكيد أن هناك تواصلا يجعل حاجب متأكدا من توفر الموارد البشرية، التي يمكن أن تسمع دعوته للإرهاب وممارسة التخريب والفوضى بالمغرب، لهذا هو يوجه نداءه دائما، بل يصرح في أكثر من مناسبة، أنه يوجد في المغرب “رجال”.
ما يقصده حاجب ب”الرجال” ليسوا سوى رجال التنظيمات الإرهابية، الذين يوجدون على اتصال دائم بالتنظيمات الجهادية بالشرق وخصوصا داعش والقاعدة، ومنهم من قطع أشواطا طويلة في التخطيط والتهييء لتنفيذ عمليات إجرامية، بل منهم خلايا تتبنى مبدأ “إدارة التوحس” لأبي مصعب السوري، أي أن تكون العملية الإرهابية عنيفة جدا ومرتفعة الخطورة حتى يتم تخويف الشعب.
الدرس الذي نسيه الناقد الفني الجديد محمد حاجب من دروس الفن المسرحي هو درس التصاعد الدرامي كما تحدث عنه برتولد بريخت وأنطونان أرطو، حيث ما يود أن يوحي به حاجب أنه مجرد طريقة جديدة في الشفافية، لقد نسي أن المغرب تحت العديد من الأعين الدولية ناهيك عن الشركاء الدوليين في مكافحة الإرهاب، ويوم كانت تتم العمليات المتعلقة بتفكيك الخلايا الإرهابية بشكل يطبعه السرية والكتمان، كانت توجه للمغرب تهمة خرق قواعد حقوق الإنسان.
اليوم تتم العملية بكامل الشفافية ووفق المعايير الدولية في مواجهة الجريمة، وما يسميه حاجب عرض مسرحي هو آليات احتياطية من أجل تقليل الخسائر في حال طنت “ذبابة” الإرهابيين وتحولوا للمواجهة المسلحة، حيث يتم اتخاذ كافة الاحتياطات، ومن المضحك أن تدعو عناصر الأمن إلى اعتقال الإرهابيين بالطريقة التقليدية في وقت أصبحوا مستعدين لتنفيذ أي أمر، وحاجب نفسه يدعوهم إلى الانتحار أو بلغته السوقية “موتو مع مهم”.
الإرهاب بدأ فعلا مثل المسرحية، وتم لوم المغرب على صرامة الإجراءات التي اتخذها منذ 2003، لكن بعد ذلك تبين لهم أن ما كانوا يسخرون منه هو حقيقة وواقع ويهدد كل بلدان العالم بدون استثناء، ولم يعد الإرهاب مجرد خلايا بل اتخذوا لأنفسهم دولة سموها “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المعروفة اختصارا بداعش.
غير أن الناقد الفني نسي فعلا أن العرض المسرحي الحقيقي هو الذي مارسه داخل السجن المدني بتيفلت، حيث كان يضع السواك على لحمه ويصوره على أنه آثار تعذيب، وهذا ما أكده العديد من السجناء، منهم بوشتى الشارف وحسن الخطاب وآخرون.
طريقة تفكيك الخلايا الإرهابية هي آلية للحماية والتخفيف من أية خسائر محتملة، بينما بيع “ربطة سواك” بربع مليون يورو للمخابرات الألمانية فهو أعظم مسرحية في تاريخ البشرية.