محمد فارس
حذّر كثير من الـمُراقبين السّياسيين، والمفكرين من التّصويت لصالح [ماكرون]، وأكّدوا على أنّ وصول هذا المرشح إلى [الإيليزي]، يعني ضياع [فرنسا] من أيدي الفرنسيين، لأنّ [ماكرون] سيكُون الرئيس الأكثر تطرّفًا في تاريخ [فرنسا] الحديثة؛ فهو مرشّح أخطر منظّمة صهيونية متحكّمة في اقتصاد البلاد، وهي [روتشيلد] ذات التاريخ الاستعماري، والعنصري؛ وقال المفكّرون إن الناس يَعتقدون أن [لوبّين] وجبهتَه متطَرفان، لكن [ماكرون] سيكون أكثَر تطرّفًا.. لقد دُمِّرت [الدّيغولية] في [فرنسا] بوصول [بونْبيدو] إلى الحكم، ويتولّى [جيسكار ديستان] وزارة المالية، حيث سُحِبَتْ رخصة إصدار العُملة من البنك الرسمي المركزي، وأُعْطِيَت لبنوك [روتشيلد]، و[جسكار] هذا، خالُه هو المدعو [جورج بيكو] سيّئ الذّكر، الذي ساهم مع [سايس] في تجزيء العالم العربي والإسلامي، وهو ما يسمّى تاريخيًا مخطّط [سايس ــ بيكو].. [روتشيلد] كانت أول من موَّل المستوطنات في [فلسطين] المحتلّة.. و[فرنسا] تُعْرف بأنّها مقرّ أكبر محفل ماسوني في [أوروبّا]، وفرق كبيرٌ بين محْفل [فرنسا] ومحْفل [بريطانيا]، حيث إن محْفل [بريطانيا] يحْظر التّدخل في الأمور السّياسية والدينية، بيْنما ينزَع المحفلُ الفرنسي منذ تأسيسه إلى الاشتغال بالأمور السياسية والدّينية، وما يَفْعله [ماكرون] هذه الأيام بخصوص الإسلام، لخيْر دليل، وليس يصحّ في الأذهان شيءٌ، إذا احتاج النّهار إلى دليل.. لقد أُلصِقَتْ على الجدران صورٌ مسيئة لرسول الإسلام، وعلى بعض واجهات [باريس]، والصحافة الفرنسية التي تتحكّم فيها منظمة [ليكْرا] الصهيونية تهاجِم الإسلام..
ولكن لماذا يساءُ إلى رسول الإسلام؟ فهل كان هذا النبيُّ إرهابيًا؟ هل كان يروّج لإيديولوجيا إسلاموية؟ هل عرفَ مُقامُ المسلمين في [إسبانيا] مثلاً مجازر، ومذابح، وإحراقًا للنّاس كما حدَث لمسلمين بعْد انهيار دولتهم في [الأندلس]؟ هل هذا الإرهابُ يوصي به الإسلامُ أو يُبيحه، أو يحثُّ عليه؟ هل [داعش]، و[النّصرة]، وأمُّهما [القاعدة] تنتمي حقيقةً إلى الإسلام الحقيقي؟ ثمّ من دعّمَ وسانَد في البدء هذه الجماعات الإرهابية، أليست [فرنسا] و[أمريكا] فلماذا اتّهامُ الإسلامِ ونبيّه ظلمًا، وعدوانًا وافتراءً؟ فتاريخ الإسلام واضح، ولا لُبْس فيه بشهادة مفكّرين غربيين.. لقد كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وثيقةً تحدّد الـمُعاملات بين الجماعات المختلفة في الدّين، وتعيش في وطن واحد، وهي ما تُعْرف بـ(الصّحيفة)؛ وهذه الوثيقة تحفَظ لكلٍّ من المسلم، والمسيحي، واليهودي حقّه في العبادة، وحريته في دينه، فكانت نظامَ حياة، وهي بمثابة دساتير الدّول الحالية، بل هي أول دستور وضْعي عرفتْه البشرية، وهذه (الصحيفة) تنظّم حياةَ جميع الناس بصرْف النّظر عن انتماءاتهم الدّينية داخل رقعة جغرافية واحدة، وتسمّي المسلمين، والمسيحيين، واليهود (أهل الصحيفة) وتُشْركهم دون تفرقة، وتُلزمهم بالدّفاع عن الأرض والوطن، وتوحّدهم في إطار النّسيج الحضاري، لأنّ الانتماء إلى الأمّة علاقةٌ قومية، بينما الدّينُ وضعٌ إلاهي، فلا يجب الخلطُ بيْنهما، هكذا كانت حِكمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وحبّذَا لوِ استفاد [ماكرون] من هذه الحِكمة النّبوية، لكان قد وجد الحلّ لما تتخبّط فيه [فرنسا].. هل أقفَل النبيُّ الكريم يومًا دورَ العِبادة للمسيحيين أو اليهودِ؟ أبدًا لم يحدُث، فيوم فتح [مكّة]، دخل النّبيُّ الكريمُ كنيسةً، فأراد أحدُ المسلمين إنزال صورة سيّدتنا [مريم]، فنهرَه رسول الله قائلاً له: [اُتْرُكْها في مكانها]، ولم يمسّ بشيء ممّا يوجد في تلك الكنيسة، ولكنّ مصيبة الفرنسيين، هي جهْلُهم بالنّبي الكريم، وعَدَم معرفتهم بالإسلام كدين محبّة وسلام، و[ماكرون] بإمكانه معرفة ذلك إن أراد، ولكنّه يخْدُم أجندات تهدف إلى تحطيم الإسلام.. هذا الإسلام حَرّم القتل، والغدر، والخديعة، كما نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الـمُثُلَة ولو بالكلب العَقور، فما بالُك بالإنسان الذي كرّمَه الله عزّ وجلّ..
لكن النّيل من الإسلامِ، ومن نبيِّه، ومن كافة المسلمين، هو ما اخْتير له [ماكرون] كرئيس جمهورية؛ فهو يحاول إعادة (أمجاد) [فرنسا] الاستعمارية، لذا تراه يحْشُر أنفَه في قضايا دولٍ أخرى في (إفريقيا)، وفي (المغرب العربي) و(لبنان) و(سوريا)، فمنها ما يتعامل معه بسياسة (الحماية) البائدة، ومنها ما يتعامل معه بسياسة (الانتداب) المدحورة، ومنها ما يتعامل معه بسياسة (الوصاية) المشؤُومة، فتراه في كلّ وادٍ يهيم، وهو يدّعي أنه يَعْرف، ولكنّه لا يعْرف شيئًا؛ فهو مجرّد بهْلوان، ومهرّج، كأنّه [كوليش] زمانه.. لقد بدأ حملتَه الانتخابية مبكّرًا، ويَستغلّ الإسلام كمادّة دعائية، ويخوّف الفرنسيين منه ويُقْنعهم بأنّه المنقذ من الإرهاب الإسلامي؛ لكن هلِ الفرنسيون سذّج وبُلهاء إلى هذا الحدّ؟ هل صارت [فرنسا] خُلوًا من مفكرين، وفلاسفة، ومثقّفين، حتى يضْحك عليهم (غافْروش) اسمُه [ماكرون]؟ إن [فرنسا] كما عرفْناها هي بلدُ [ديكارت، وباسكال، وڤولْتير، ورُوسو، وسارْتَر، ومالرو، وكَامي] وغيرهم، فكيْف بها اليوم، يتلاعبُ بها وبمستقبلها واستقرارِها تلميذٌ مغمور من تلاميذ [روْتشيلد]، تروّجُ له وسائل إعلام [ليكْرا] الصّهيونية؛ لذا نقول للفرنسيين: [يا فرنسيي (فرنسا)، استيقظُوا، فقد طال واستطال نومكُم، استردّوا بلدكم من قبضة (روتشيلد)!]..