في كلمة مصورة اتسمت بالوضوح والحزم، كشف الدكتور مصطفى عزيز، مؤسس ورئيس حركة مغرب الغد، عن تفاصيل صادمة بشأن ما وصفه بـ”شبكة إجرامية دولية” استهدفته شخصيًا، وتورطت في عمليات نصب وتضليل متقنة، يقودها – بحسب تصريحه – شخصيات بارزة يتقدمها مهدي حجاوي، ضابط الاستخبارات السابق، و “النصاب” هشام جيراندو.
وقال عزيز في كلمته التي بُثت مساء اليوم الثلاثاء عبر منصات التواصل الاجتماعي:
“لقد كنت، كغيري، ضحية نصبٍ وتدليسٍ محترف… ولم أكتشف ما جرى إلا قبل يومين، بعد أن كشفت الأجهزة الأمنية المغربية خيوط هذه المؤامرة العنكبوتية المحكمة”.
وصف عزيز ما تعرّض له بـ”الزلزال الأمني”، مؤكدًا أن حجم العملية وتعقيد تفاصيلها تجاوز ما يمكن تصوره. وأضاف:
“حتى الشيطان لا يستطيع أن يرتب عملية بهذا الشكل… لقد استهدفت هذه الشبكة العشرات من الضحايا، مغاربة وأجانب، داخل البلاد وخارجها”.
شخصيات وهمية… وصوت مستشار ملكي مزيف
بحسب رواية مصطفى وعزيز، فإن المتورطين في هذه العملية اعتمدوا على فبركة دقيقة لوقائع وشخصيات، بينها شخصية تشبه مستشار جلالة الملك فؤاد عالي الهمة، حيث تم استعمال تطبيقات تقنية لتقليد صوته وتزوير رسائل عبر تطبيق واتساب بلغة رسمية توحي بانتمائها لمحيط القصر، في محاولة لإضفاء مصداقية على عملية النصب.
وأكد:
“لقد وصل الحد بهذا النصاب إلى انتحال صفة المستشار، وتقليد صوته بدقة مذهلة… لإبعاد الشبهات وتحصين السيناريو الإجرامي”.
شكر للأجهزة الأمنية… وتبرئة كاملة للحركة
وجه الدكتور مصطفى وعزيز شكره العميق للمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف الحموشي، على “حرفية الجهاز الأمني في كشف خيوط هذه الشبكة”، كما خص بالشكر مدير المخابرات الخارجية، السيد محمد ياسين المنصوري، مقدّمًا له اعتذارًا عن تصريحات سابقة صدرت منه “تحت تأثير التضليل”، بحسب تعبيره.
وشدد رئيس حركة مغرب الغد على أن الحركة لم تتورط في أي من تلك الأنشطة المشبوهة، قائلًا:
“حركتنا وطنية حتى النخاع… لم يثبت قط أن عضواً واحداً فيها شارك من قريب أو بعيد في هذه المؤامرة”.
حجاوي وجيراندو… تاريخ من التضليل
على مدى السنوات الماضية، برزت شخصيات مثيرة للجدل على منصات التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام الأجنبية، تدّعي امتلاك معلومات حساسة حول أجهزة الدولة المغربية. في مقدمتها، مهدي حجاوي، الذي روّج لنفسه كـ”الرجل الثاني” في جهاز الاستخبارات المغربي، وهشام جيراندو، الذي نصب نفسه مناضلاً ضد الفساد، بينما تشير الوقائع إلى تاريخهما الحافل بالخداع.
بحسب تقارير أمنية ومصادر إعلامية موثوقة، فإن حجاوي لم يكن سوى موظف بسيط سابق في المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، تم استبعاده منذ سنوات بسبب “سلوك غير مهني وتورط في أنشطة مشبوهة”. ورغم ذلك، نجح في تصدير نفسه كخبير استخباراتي للصحافة الأجنبية، وخاصة بعض وسائل الإعلام الإسبانية التي قدمته بصفات لا أساس لها من الصحة.
لكن خلف هذه الصورة الإعلامية الملفقة، تورط حجاوي في قضايا نصب مالي استهدفت رجال أعمال مغاربة، وعدهم زورًا بتسهيل هجرتهم إلى أوروبا، واستولى على مبالغ ضخمة. ووفق وثائق مسرّبة، فقد صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية في سبتمبر 2024، بسبب ارتباطه بشبكات دولية لتبييض الأموال وتهريب المخدرات.
أما هشام جيراندو، فينشط على منصات مثل يوتيوب وتيك توك، حيث يوجّه اتهامات مباشرة ضد مسؤولين مغاربة دون أدلة، ووفقًا لقرار صادر عن المحكمة العليا في كيبيك، فقد أُدين بتهمة “ازدراء المحكمة” لرفضه تنفيذ أمر قضائي بإزالة محتويات تشهيرية ضد محام مغربي. كما يخضع لتحقيق من شرطة مونتريال في ملف تهديدات ضد قاضٍ مغربي سابق مختص في قضايا الإرهاب.
وقضت غرفة الجنايات باستئنافية الرباط، مؤخرا، بـ15 سنة سجنا نافذا في حق هشام جيراندو، حيث توبع جيراندو بتهمة تكوين عصابة إرهابية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية، في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والتهديد والعنف، وتحريض الغير وإقناعهم على ارتكاب أفعال إرهابية.
إعلام خارجي… بين الإثارة والابتزاز
يرى خبراء الإعلام أن ظاهرة حجاوي وجيراندو ليست استثناء، بل جزء من ظاهرة أوسع تتمثل في استغلال الصحافة الأجنبية ومنصات التواصل لنشر روايات مغلوطة عن المغرب، عبر شخصيات ذات سوابق، يتم تسويقها كمصادر مطلعة.
ويحذر مراقبون من “تحوّل الإعلام الاستقصائي إلى أداة بيد أطراف معادية”، مستغلين شهية بعض المنصات الغربية للقصص المثيرة، حتى وإن كانت صادرة عن جهات فاقدة للمصداقية أو مطلوبة قضائيًا.
الختام.. “الله، الوطن، الملك“
في ختام كلمته، شدد مصطفى وعزيز على وفائه التام لثوابت الدولة المغربية، مرددًا:
“الله، الوطن، الملك… أنا وأبنائي ودريتي فداء لهذا الشعار”، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد”.