أعرب نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير الإعلام الأسبق، عن قلقه العميق إزاء الأوضاع الراهنة للصحافة في المغرب، معتبراً أن “صورة المشهد الإعلامي لم تعد مريحة”، ومشدداً على أن القطاع يعيش أزمة تتطلب تضافر الجهود لإنقاذه من “الانحدار المتسارع”.
وفي كلمة أدلى بها في ندوة وطنية حول واقع الصحافة المغربية، قال بنعبد الله إن وضع الإعلام خلال تسعينيات القرن الماضي كان “أفضل بكثير” مقارنة بما هو عليه اليوم، مضيفاً: “نواجه اليوم إشكاليات حقيقية تستدعي التفافاً جماعياً من مختلف الفاعلين السياسيين والإعلاميين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.
وشدد القيادي السياسي على الترابط الوثيق بين الإعلام والسياسة، قائلاً: “الإعلام والسياسة فوق غصن واحد، إذا سقطت السياسة سقط الإعلام”. وأضاف: “يجب محاربة الأفكار التي تروج لفشل الإعلام بشكل عام، فذلك يعكس فهماً مغلوطاً لدوره الحيوي في بناء المجتمعات”.
كما أثار بنعبد الله تساؤلات حول مدى وجود إرادة سياسية حقيقية للنهوض بالفضاء الإعلامي، مشيراً إلى أن التطورات الأخيرة “لا تبعث على التفاؤل”، بل تؤشر على “تراجعات مقلقة، خاصة على مستوى الحريات والتنظيم الذاتي للمهنة”.
لجنة مؤقتة… أم تراجع عن المكتسبات؟
وفي ما اعتبره تراجعاً خطيراً عن مكاسب نضالية راكمها الجسم الصحافي عبر عقود، انتقد بنعبد الله إحداث لجنة مؤقتة للصحافة، واصفاً ذلك بـ”الإجهاز على مبدأ التنظيم الذاتي الذي يعد أحد ركائز استقلالية المهنة”. وأضاف: “إقرار اللجنة المؤقتة بقانون هو أمر غير مفهوم، ويثير تساؤلات حول نية العودة إلى آليات التنظيم الذاتي، التي يبدو أنها غير مطروحة حالياً”.
ندوة وطنية تبحث عن “سبل الإنقاذ”
وتنظم الفيدرالية المغربية لناشري الصحف (FMEJ) ندوة وطنية تحت عنوان: (الصحافة المغربية: الأزمة الوجودية وسبل الإنقاذ)، وذلك يوم السبت 12 أبريل الجاري، ابتداء من الساعة التاسعة صباحاً بفندق حسان في الرباط.
وتسعى الندوة إلى فتح نقاش موسّع حول أوضاع المهنة وتحدياتها المستقبلية، من خلال جلستين رئيسيتين؛ الأولى بعنوان (أسئلة التشريع، التخليق والتنظيم)، ستتناول الإشكاليات القانونية والتنظيمية المرتبطة بالإعلام، فيما تركز الجلسة الثانية تحت عنوان (المقاولة الصحفية: مداخل التأهيل الاقتصادي)، على البيئة الاقتصادية للمقاولات الصحفية، وآليات الدعم العمومي، وواقع سوق الإعلانات والإشهار.
وستعرف الندوة مشاركة مجموعة من المهنيين والخبراء والسياسيين، إلى جانب تنظيم جلسة افتتاحية تضم كلمات لمنظمات مهنية، بالإضافة إلى درس افتتاحي تلقيه شخصية أكاديمية بارزة.
وتطمح الفيدرالية من خلال هذه التظاهرة إلى خلق منصة وطنية للحوار الجاد والمسؤول بين مختلف مكونات المشهد الإعلامي، بهدف بلورة تصورات عملية وتوصيات واقعية تسهم في إصلاح القطاع وتأهيله لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.