في خطوة تعكس رغبة المغرب في تحصين قوافل النقل البري نحو العمق الإفريقي، وقّع وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، ونظيره التركي عبد القادر أورال أوغلو، مذكرتي تفاهم في مجالي السلامة الطرقية والممرات البحرية، على هامش مشاركتهما في منتدى الربط العالمي للنقل بإسطنبول، بحضور سفير المملكة لدى تركيا.
ويأتي هذا التعاون الثنائي في وقت تزايدت فيه التحديات الأمنية التي تواجه الشاحنات المغربية العابرة لبلدان الساحل والصحراء، ما دفع الرباط إلى البحث عن نماذج ناجحة يمكن الاستفادة منها، وكان النموذج التركي في مقدمة هذه النماذج.
نحو نقل آمن ومتين
المذكرة الأولى، التي تركز على السلامة الطرقية، تُعنى بتبادل الخبرات وتعزيز التعاون التكنولوجي، خصوصًا في مجال تأمين نقل البضائع. ويولي المغرب أهمية خاصة للتجربة التركية التي تعتمد أنظمة تتبع متقدمة عبر الأقمار الصناعية، وتنسيقا محكما بين الجهات الأمنية ومؤسسات النقل، بما يضمن تأمين الطرق الدولية للشاحنات التجارية.
وجاء هذا الاهتمام بعد تكرار حوادث اعتداء وسرقة طالت شاحنات مغربية خلال عبورها دولًا مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في ظل أوضاع أمنية متقلبة بفعل نشاط الجماعات المسلحة وشبكات التهريب. وقد دفعت هذه الأحداث المهنيين المغاربة إلى المطالبة بحلول عملية تضمن سلامة السائقين وحماية البضائع.
تعزيز الروابط البحرية
أما المذكرة الثانية، فتأتي تفعيلًا للرؤية الملكية الرامية إلى تقوية الربط البحري للمغرب، خاصة مع إفريقيا. وتسعى وزارة النقل المغربية، من خلال هذه الاتفاقية، إلى تطوير الأسطول الوطني وتنويع الممرات البحرية، بما يعزز موقع المغرب كمركز لوجستي بين الشمال والجنوب.
ويمثل هذا التحرك استجابة عملية لخطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، الذي دعا فيه إلى تعزيز الترابط البحري واللوجستي، كجزء من الاستراتيجية الوطنية للانفتاح على إفريقيا وتوسيع الشراكات الدولية.
إسطنبول.. ملتقى النقل العالمي
وتأتي هذه الاتفاقيات في سياق مشاركة المغرب في منتدى الربط العالمي للنقل، الذي يُعد منصة دولية للحوار حول مستقبل النقل والمبادلات التجارية المستدامة، بمشاركة وزراء ومؤسسات مالية وخبراء من عشرات الدول.
ويأمل المغرب أن تُترجم هذه الدينامية الثنائية مع تركيا إلى مشاريع ملموسة في مجالات التكوين، والتتبع الرقمي، وتطوير البنى التحتية، بما يخدم الرؤية المغربية في جعل المملكة منصة قارية للتجارة والنقل والخدمات اللوجستيكية.
نحو نموذج لوجستي إقليمي
من خلال هذا التوجه، يسعى المغرب إلى الجمع بين الخبرة الدولية والحلول التكنولوجية الحديثة لتعزيز تنافسيته، وحماية سلاسل التوريد نحو إفريقيا، وضمان استمرارية المبادلات التجارية رغم التحديات الأمنية والإقليمية، وذلك ضمن رؤية شاملة تقوم على تكامل النقل البري والبحري.