بعد أشهر من التوتر الدبلوماسي، شهدت العلاقات بين فرنسا والجزائر انفراجة ملحوظة عقب مكالمة هاتفية جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، حيث اتفقا على إعادة إحياء الحوار وتعزيز التعاون بين البلدين، في ظل تحديات إقليمية وأمنية متزايدة.
تُعتبر الجزائر شريكًا استراتيجيًا لفرنسا في مكافحة الإرهاب، خاصة في منطقة الساحل الإفريقي، التي تعاني من تصاعد أنشطة الجماعات المسلحة، إضافة إلى الاتجار غير المشروع بالمخدرات والأسلحة والبشر.
ويرى الخبراء أن استئناف التعاون الاستخباراتي بين باريس والجزائر سيكون ضروريًا لاحتواء التهديدات الأمنية المتزايدة في المنطقة.
كما أن قضية ترحيل المهاجرين غير النظاميين، وخصوصًا الجزائريين المقيمين في فرنسا بشكل غير قانوني، كانت إحدى النقاط الخلافية التي ساهمت في تأزيم العلاقة بين البلدين. وكان لهذا الملف تداعيات كبيرة بعد الهجوم الذي وقع في ميلوز في فبراير الماضي، والذي ارتكبه جزائري كانت فرنسا قد طالبت مرارًا بترحيله، لكن الجزائر رفضت استقباله.
من الناحية الاقتصادية، تعد الجزائر موردًا مهمًا للطاقة، حيث تُزود فرنسا بحوالي 6-7% من احتياجاتها من الغاز.
ورغم أن باريس لا تعتبر هذا الرقم “حاسماً”، إلا أن استقرار العلاقات بين البلدين يبقى ضروريًا، لا سيما مع تراجع التبادلات التجارية بينهما بنسبة تتراوح بين 20-30% في بعض القطاعات العام الماضي، وتأثر حوالي 6000 شركة فرنسية تعمل في الجزائر، أبرزها رينو التي علّقت إعادة تشغيل أحد مصانعها هناك.
يبدو أن باريس والجزائر تدركان أن التوتر المستمر لا يخدم مصالح أي منهما، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، في وقت تواجه فيه أوروبا تحديات متزايدة على مستوى الهجرة والطاقة. لكن يبقى السؤال: هل ستنجح هذه التهدئة في تجاوز الخلافات العميقة، أم أنها مجرد هدنة تكتيكية قد لا تدوم طويلاً؟