رحل عن عالمنا صباح اليوم السبت الشيخ عبد العزيز الكرعاني، أحد أعلام التلاوة في المغرب وإمام مسجد القاضي عياض بالدار البيضاء، بعد صراع طويل ومرير مع مرض السرطان الذي أنهك جسده لسنوات، قبل أن يسلم الروح بمستشفى بالدار البيضاء، تاركًا وراءه إرثًا من المحبة في قلوب المصلين والقراء.
كان الشيخ عبد العزيز قد نُقل إلى المستشفى قبل أسابيع قليلة بعد تدهور حالته الصحية بشكل مفاجئ، حيث أُدخل قسم العناية المركزة وسط دعواتٍ متواصلة من محبيه بالشفاء، في مشهد إنساني مؤثر شهدته وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ تعالت الأصوات المخلصة سائلة المولى عز وجل أن يكتب له السلامة ويعيده سالمًا معافى ليواصل رسالته. لكن القدر شاء أن تكون تلك الليلة آخر محطاته في هذه الدنيا.
الشيخ الكرعاني لم يكن مجرد مقرئ وإمام، بل كان مدرسة في الأخلاق والتواضع، وصوتًا شجيًا ينقلك بروحه الخاشعة إلى عالمٍ آخر. منذ نعومة أظفاره، وهو يصدح بآيات الذكر الحكيم، متنقلًا بين المساجد، ومجتهدًا في رسم البسمة على وجوه المصلين الذين ظلوا يتبعونه من مسجد إلى آخر، موقنين بأن صوته المميز يأخذهم إلى طمأنينة الروح وصفاء القلوب.
لقد استطاع الشيخ أن يبني علاقة روحية متينة مع البيضاويين، حتى أصبح رمزًا من رموز الحيّ، لا يُذكر اسمه إلا مقرونًا بعبارات التقدير والدعاء. فقد كان بمثابة الأب والمرشد والمربّي لكثير من الشباب الذين تشرّفوا بالصلاة خلفه وتعلّموا على يديه مبادئ التجويد وفن التلاوة.
برحيله، يطوي البيضاويون صفحة مشرقة من تاريخ التلاوة في مدينتهم، ويودّعون رجلًا عاش لأجل كتاب الله، وترك بصمةً لا تُمحى في ذاكرة كل من عرفه أو صلى خلفه. رحم الله الشيخ عبد العزيز الكرعاني، وأسكنه فسيح جناته، وألهم محبيه وتلامذته الصبر والسلوان.