أثارت خرجات وتصريحات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب،جدلا واسعا في صفوف القضاة وهو يتحدث عن المساءلة التأديبية للقضاة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية بسبب تأخرهم في البت في الملفات المعروضة أمامهم، وبذلك خلق جدلا واسعا في صفوف عدد من القضاة، الذين لم يترددوا في انتقاد تصريحاته.
نعم سيدي الوزير نشاطركم الرأي الذي يجد سنده في المادة 120 من الدستور،لكن لم تحدثنا عن كيفية احتساب الآجال المعقولة والكل يعلم أن هناك ملفات ضخمة تتطلب دراستها وقتا،فكيف سوف يتم احتساب الآجال هل بإحالة الملف على جهة مختصة في تقدير آجال دراسته والبث فيه قبل أن يحال الملف على القاضي الذي سوف يلزم بدراسته تحت ضغط أجل حدد مسبقا.
بعض الملفات التي كانت موضوع نظر محكمة الإستئناف بالدار البيضاء وهو ملف ذو طبيعة مالية،بلغت أوراقه 3600 صفحة،ضمت محاضر الاستماع والتحقيق والانتقال ومحاضر تسليم و محاضر حجز والعديد من الوثائق منها المحاسباتية المدلى بها في الملف، هنا نتساءل عن الآجال المعقولة التي سوف يحددها الوزير للقاضي أو القضاة المشرفين على دراسة هذا الملف الضخم،وإن تجاوزوها لظرف من الظروف فلا محالة سيدي الوزير سوف يعاقبون.
وهبي مصمم على وضع مشروع القانون التنظيمي الجديد المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والذي بمقتضاه سيعطي للسلطة القضائية سلاح مراقبة القضاة على مستوى احترام آجال معقولة للبت في الملفات المعروضة عليهم، وهي الآجال التي ستختلف بحسب نوع القضايا الموزعة بين المدني والتجاري والأحوال الشخصية.
ألا يجوز لنا القول من وجهة نظرنا أن السيد وزير العدل، سوف يهدد مسألة تجويد الأحكام،و القرارات القضائية الصادرة تحت ضغط إكراه عامل الزمن، ومدى تأثيرها على نفسية وتفكير والقاضي،الذي ينتظره إصدار قرار لحماية الحقوق والحريات.
القضاة بدورهم لم يعارضوا الآجال المعقولة للبث في القضايا المعروضة عليهم ، ولم يعارضوا مشروع الوزير لتعديل القانون، إذن هم لا يختلفون مع السيد الوزير، لكن الملاحظ أن القضاة سوف يتحملون لوحده ما لا طاقة لهم به وسيف المسؤولية مسلط عليهم وحدهم، خاصة في ظل غياب أي دراسات أو إحصائيات علمية وموضوعية في الموضوع.
وهبي سوف يحمل مسؤولية البث في الملفات القضائية المعروضة على المحاكم للقضاة لوحده،رغم أن الشطر الثاني من التأخير تتداخل فيه العديد من الأطراف والتي سوف تشكل في نهاية المطاف الأسباب الرئيسية والحقيقية لتأخير البت في الملفات، والتي من أهمها المشاكل المرتبطة بتبليغ الاستدعاءات والأحكام والقرارات، ثم كثرة المتدخلين والأطراف، وعدم تطوير وسائل التبليغ.
ونبه قضاة الوزير إلى أن الوقت حان لاعتماد التبليغ الإلكتروني وتوجيه الاستدعاءات عبر البريد الإلكتروني أو باستعمال الرسائل القصيرة عبر الهاتف أو مختلف وسائل التواصل الحديثة.
كما أثار القضاة مسألة تتعلق بمسألة البت في الملفات دون استدعاء وتوصل الأطراف،لأن الآجال تحكم القاضي المقرر، فكيف يتعين الإسراع في إصدار الأحكام والقرارات على حساب حقوق الدفاع والآجال الكافية لفسح المجال للأطراف المتقاضية للجواب أو الطعن طبقا للقانون.
كان على الوزير أن يوفر مسبقا الوسائل المادية والبشرية الكافية والمؤهلة والتي تتناسب مع حجم القضايا والملفات، مع مراجعة المعايير المعتمدة لاحتساب عدد الملفات الموازي لعدد القضاة وفقا لما هو متعارف عليه دوليا.
فلا تزر وازرة وزر أخرى سيدي الوزير.