هدد حزب العدالة والتنمية برفع قضية “القاسم الإنتخابي” الى القضاء الدستوري واللجوء الى المحكمة الدستورية، والدفع بكون القانون التنظيمي للإنتخابات في مسألة “القاسم الإنتخابي” بالمخالفة للدستور، حبيث يحاول “البيجيدي” نقل الصراع التشريعي على القوانين الإنتخابية المؤطرة لاستحقاقات 2021، من تحت قبة البرلمان الى المحكمة الدستورية، الأمر الذي وصفه رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري بجامعة إبن طفيل بكون خطوة العدالة و التنمية بنقل الصراع الى القضاء الدستوري بأنه “جهل بالقواعد الدستورية و القوانين”، على اعتبار القوانين التنظيمية ترفع بقوة القانون الى المحكمة الدستورية التي تعمل على مراقبة مدى احترامها للدستور.
وشدد لزرق، في حديث مع “النهار المغربية”، على أن ” القانون الانتخابي هو توافق بين الفرقاء السياسيين، و لا يمكن للمشرع أن يتدخل في الموضوع على اعتبار احترام السيادة الشعبية، موضحا “أن مجلس النواب بتصويته قال كلمته في السيادة الشعبية”، و أن ” المشرع المغربي كان ذكيا و لم ينص على نمط الإقتراع في فصل من فصول الدستور، وذلك لتركه للتباري و تصارع الفرقاء السياسيين و الفرق البرلمانية”.
وأوضح لزرق في إتصال مع الجريدة، أن ” القوانين التنظيمية تمر بقوة القانون قبل نشرها في الجريدة الرسمية، والتهديد مجرد لغط ناتج عن الجهل القانون و البؤس التنظيمي و الإطمحلال السياسي ، وأظهر البعض تخلف فكري في التعاطي مع السيادة الشعبية، منبها الى أن ” هؤلاء يعضون على السلطة بالنواجذ، و لا سياسية لهم و لا أفق تدبيري لهم، وأن آخر من يتكلم على الديمقراطية هم العدالة والتنمية، و ما فعلوه في القاسم لم يفعلوه في قوانين اجتماعية مهمة تدل على دفاعهم على المصالح الانتخابية فقط”.
و جدد حزب العدالة والتنمية تأكيده على موقفه الرافض لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، لما له من مس بجوهر العملية الديمقراطية، وما يمثله من إخلال بالاختيار الديمقراطي الذي كرسته بلادنا ثابتا دستوريا.
وشدد نبيل شيخي رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، على أنن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية من شأنه تكريس العزوف عن المشاركة السياسية الانتخابية، وتعزيز التوجهات المشككة في جدواها، والإساءة بعمق لصورة المؤسسات المنتخبة ومكانة ودور الأحزاب السياسية، وشدد على رفض الحزب لإلغاء العتبة، لما سيترتب عنه من بلقنة للمجالس المنتخبة لا سيما بالجماعات الترابية، مما سيعرضها لصعوبة بناء تحالفات قوية ومنسجمة ولسيادة منطق العرقلة والبلوكاج والترضيات، وما يترتب عن ذلك من عدم الاستقرار وضياع مصالح المواطنات والمواطنين، وفسح المجال أمام الفساد، وتعطيل مشاريع التنمية.
وأكد المسؤول الحزبي، أن الحجج التي يتقدم بها الحزب لا تندرج في إطار ادعاء المظلومية والتباكي كما يحلو للبعض أن يصفها، وإنما في إطار حقه ودوره وواجبه كحزب سياسي، ووممثل للأمة في التنبيه إلى بعض الانحرافات التي تمس جوهر العملية الديمقراطية وتسيء لصورة بلادنا، والتي إن لم يتم الاستدراك بشأنها فنخشى أن تجعلنا يوما نبكي جميعا على تفريطنا بسبب لحظة غرور وحسابات صغيرة ضيقة على ما راكمته بلادنا من مكتسبات”.
من جهته أبرز وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ، ” أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تشكل محطة مهمة في تاريخ الحياة الديمقراطية الوطنية، وقال لفتيت ، في معرض تقديمه لمشاريع القوانين التنظيمية المؤطرة للمنظومة الانتخابية خلال اجتماع للجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين ، ” إن هاته المنظومة التي تتألف من أربعة نصوص تشريعية، تندرج في إطار الإعداد للاستحقاقات الانتخابية العامة المقبلة وفق تصور متجدد لتطوير المؤسسات المنتخبة وتدعيم الحياة التمثيلية بالمغرب، وتهييء المحيط العام الملائم للانتخابات المقبلة باعتبارها محطة مهمة في تاريخ الحياة الديمقراطية الوطنية، وبعد أن ذكر بأن مشاريع القوانين التنظيمية كانت ثمرة عدة مشاورات مكثفة ومعمقة مع الهيئات السياسية سواء منها الممثلة في البرلمان أو غير الممثلة ، وفق مقاربة تشاركية ، أبرز السيد لفتيت أن المنهجية التي أطرت هذه المنظومة تندرج في إطار المقاربة التي دأبت المملكة على اعتمادها في مجال تدبير الحياة الانتخابية الوطنية القائمة على ترصيد المكاسب المحققة مع الانفتاح على التحولات التي يعرفها المجتمع وأخذها بعين الاعتبار في أفق تطوير النظام الانتخابي وتحديثه بشكل تدريجي.
وعلى مستوى النظام الانتخابي ، يشير الوزير ، فإن المشروع يتضمن تعديلا صادق عليه مجلس النواب بالأغلبية يتعلق بمراجعة القواعد التطبيقية لأسلوب الاقتراع من خلال اعتماد قاسم انتخابي جديد يستخرج على أساس عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية عوض عدد الأصوات التي نالتها اللوائح المؤهلة للمشاركة في توزيع المقاعد، مفيدا بأنه ترتب عن هذا التعديل إلغاء شرط الحصول على نسبة 3 بالمائة من الأصوات المعبر عنها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد.
ولفت لفتيت، إلى أن مشروع القانون التنظيمي رقم 21-04 المتعلق بمجلس النواب يطرح تصورا بديلا بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية بتعويضها بدوائر انتخابية جهوية مع توزيع المقاعد المخصصة حاليا للدائرة الانتخابية الوطنية “90 مقعدا” على الدوائر الانتخابية الجهوية وفق معيارين أساسين، يأخذ الأول بعين الاعتبار عدد السكان القانويين للجهة، ويتحدد الثاني في تمثيلية الجهة اعتبارا لمكانتها الدستورية في التنظيم الترابي للمملكة، وانسجاما مع التوجه الذي سار فيه المجلس الدستوري سابقا وأكدته المحكمة الدستورية لاحقا ، يقول المسؤول الحكومي ، فقد تم إدخال تعديل من لدن مجلس النواب حظي بالإجماع ينص على منع كل شخص سبق له أن ترشح لعضوية مجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية الوطنية القائمة حاليا من الترشح برسم الدائرة الانتخابية الجهوية، مضيفا أنه تم إغناء مشروع القانون بمقتضى جديد يهدف إلى تخليق الانتداب النيابي اعتبارا لما يقتضيه من انضباط والتزام شخصي، حيث تم إدراج تعديل ينص على تجريد كل نائب تخلف عن المشاركة في أشغال المجلس طيلة سنة تشريعية كاملة دون عذر مقبول، وتابع أنه تم أيضا إغناء مشروع القانون التنظيمي بمقتضى جديد باقتراح ومصادقة من مجلس النواب ينص على تنافي العضوية بهذا المجلس مع رئاسة مجلس عمالة أو إقليم.