نبه محللون الى ضعف المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة حول ميزانية 2023، والسقوط في أخطاء البرنامج الحكومي و الوعود الانتخابية، عبر تكرار مجموعة من التعهدات و إطلاق وعود جديدة، وغياب معطيات و أرقام تبني عليها الحكومة توجهها الجديد، وعاب محللون سياسيون عن غياب أي توجه إصلاحي لملف الأسعار و ملف المحروقات في ميزاينة 2023، وغياب التوجه نحو تعزيز المخزون الطاقي و المخزون الغذائي، وسجل الفريق الاشتراكي، أن المنشور التوجيهي لرئيس الحكومة “لم يطبعه نفَس إصلاحي جديد”، بل ظل “حبيس المنطق الاقتصادي المحكوم بالحفاظ على التوازنات المالية الكبرى بدل تعزيز آليات التوازنات الاجتماعية التي تقتضيها مصلحة بلادنا في الظرفية الراهنة”؛ قبل أن يؤكد أنه “من موقعه داخل مجلس النواب، كمعارضة مسؤولة، سيعمل على المساهمة البناءة لإقرار قانون مالية ذي نفَس اجتماعي حقيقي، مدافعا عن مختلف المكتسبات الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية للمغاربة، خاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة”.
و حملت المذكرة التأطيرية، التي وجهها رئيس الحكومة الى القطاعات الوزارية، والتي تحدد أولويات مشروع قانون المالية وتوجهاته الرئيسية ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية و تعميم التعويضات العائلية وفق مقاربة جديدة تقوم على الدعم المباشر، عبر استهداف الفئات المعوزة والمستحقة لهذه التعويضات؛ و تنزيل تعميم هذه التعويضات سيتم وفق برنامج محدد، وسيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل من العائلات الهشة والفقيرة على الخصوص، وثلاثة ملايين أسرة بدون طفل في سن التمدرس؛ و الإسراع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم، وضمان نجاعته؛ و إعطاء زخم جديد لدعم التشغيل، وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار مختلف الفئات العمرية والمجالية و مواصلة البرامج التي تم إطلاقها، لاسيما مواصلة تنزيل برنامج “أوراش”، الذي يروم خلق 250 ألف منصب شغل، خلال سنتي 2022 و2023، و تيسير الولوج إلى السكن اللائق، نظرا لأهميته كمظهر من مظاهر العيش الكريم؛ و انعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار العمومي والخاص؛
وذكّر الفريق الاشتراكي، أولا، بـ”اللحظات التأسيسية للنموذج التنموي الجديد الذي يحتّم علينا عدم هدر الزمن السياسي والحكومي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة”، قبل أن يؤكد أن البلاد “إزاء مشروع قانون للمالية تتحكم الحكومة في إعداده بشكل كامل عكس مالية السنة الحالية، ما سيضعها موضع مساءلة عن مدى قدرتها على تفعيل برنامجها الحكومي الذي على أساسه نالت ثقة البرلمان”، أما العنصر السياقي الثالث، يردف “النواب الاشتراكيون”، فيتمثل في كون المغرب “لم يخرج بعد من الأزمة التي تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات وفي التقلبات المناخية وندرة الموارد المائية”.
وأثار أن المنشور التوجيهي لرئيس الحكومة، “وهو يدرك طبيعة السياق الوطني العام المشار إليه، لم يخرج عن لغة الشعارات في ترتيبه للأولويات التي حددها في: تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، وتكريس العدالة المجالية، واستعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات”؛ لافتاً إلى أنه “حافظ على التوجهات نفسها التي أقرّها قانون المالية الجاري، ولم يأت بجديد في ما يتعلق بالإصلاحات الجوهرية التي ينتظرها المغاربة من حكومة تدّعي إيمانها بالدولة الاجتماعية”.
و سجل ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي، ما أسماه ” غياب النظرة الاستراتيجية والإصلاحية لدى الحكومة باستثناء المشاريع الملكية المؤطرة برؤية استراتيجية واضحة المعالم والأهداف وبأجندة ومصادر تمويل محددة ، و سجل أن الإطار التوجيهي لهذا المشروع ظل ، مع الأسف، مثل سابقيه حبيس المقاربة المحاسبية بذل بلورة مشروع ميزانية مبنية على النتائج وتوطين المشاريع طبقا لأحكام القانون التنظيمي للمالية.
وقال أن رئيس الحكومة اصدر توجيهاته لأعضاء الحكومة وللمندوبين السامين رسالة لا يفهم معناها الا في خاتمتها. والمقصود ترشيد النفقات و متابعة المشاريع قيد الإنجاز والاهتمام بتنزيل المشروع الملكي الخاص بالتغطية الصحية، وهو ما يعني أن الحكومة تخفي قناعتها بظرورة تبني سياسة التقشف دون إعلانه. كما لم تظهر في مضامين المنشور الحكومي بشكل واضح الإشارة إلى مواصلة الإستتمار في الأوراش الكبرى التي قطعت فيها بلادنا أشواط مهمة كالطرق السيارة والموانئ والسدود الكبرى وكل ما يتعلق بالافشورينغ.
و ركزت الورقة التأطيرية بالأساس على الأزمات التي تجتازها معظم دول العالم. الصحة و المناخ و الطاقة والتوترات الجيواستراتيجة حيث أخذت الحيز الأكبر لتهييئ الرأي العام لتقبل ما سيأتي من قرارات قد تزيد من تدني القوة الشرائية، بحيث طغت لغة التبرير في منشور رىيس الحكومة كالعادة في غياب الإبداع في الحلول والبدائل.
و أعادت التذكير بالبرنامج الحكومي ، لكنها لم تشر إلى محاور أساسية في برنامج إصلاح القطاع العام و الإدارة العمومية و تنزيل الديمقراطية جهويا و محليا رغم تأكيد برنامج الحكومة على هذا المجال. يمكن أن نكتفي بطرح أسئلة تهم تنزيل الجهوية المتقدمة واللاتمركز و “تكريس مبدأ استقلالية السلطة القضائية، الجواب جاء في ثلاثة أسطر تشير إلى عزم على التنزيل بعبارات لا زالت تردد منذ سنين مثلما ورد في مسألة “مواصلة الجهود ” لتعزيز منظومة النزاهة و محاربة الرشوة” و كفى. الأمر كبير و مهم جدا و لا يحتاج إلى إعلان نيات.