في تطور لافت في مسار الاستكشافات الطاقية البحرية، أعلنت شركة “شاريوت” البريطانية، المدرجة في بورصة لندن، أنها استعادت السيطرة الكاملة على مشروع التنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة سواحل العرائش، بعد انسحاب شريكتها “إنيرجين” اليونانية، ما يُعيد ترتيب أوراق المشروع المعروف باسم “أنشوا”.
وأوضحت الشركة، في بلاغ أصدرته الأربعاء، أن انسحاب “إنيرجين” أدى إلى نقل ملكية شركة فرعية كانت تستحوذ على نسب مهمة من رخصتي “ليكسوس أوفشور” (45%) و**”ريصانة أوفشور” (37.5%)، لتصبح “شاريوت” هي المالكة لـ75% من المشروع**، مقابل 25% يحتفظ بها المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن.
انسحاب “إنيرجين”: تأثيرات فورية ومخاوف استثمارية
وكانت “إنيرجين” قد انضمت إلى المشروع في أبريل 2024، بهدف المساهمة في تطوير أول مشروع مغربي لإنتاج الغاز الطبيعي من البحر، إلا أن النتائج المحدودة للبئر التقييمية “أنشوا 3” التي حُفرت لاحقًا لم ترقَ إلى التوقعات، ما دفع الشركة إلى مراجعة موقفها الاستثماري والانسحاب النهائي من المشروع، وفق ما أكدته مصادر متخصصة.
وجاء انسحاب الشريك الاستراتيجي ليربك أسهم “شاريوت”، التي سجلت انخفاضًا حادًا بنحو 17% صباح الأربعاء، قبل أن تستعيد جزءا من خسائرها لاحقًا، بينما حافظ سهم “إنيرجين” على استقراره عند 9.49 جنيهات إسترلينية.
“شاريوت” تؤكد: سنواصل تطوير الحقل رغم التحديات
وفي أول رد فعل على التطورات، أكد المدير التنفيذي لشركة “شاريوت”، أدونيس بوروليس، أن “استعادة موقع المشغل تمنحنا مرونة استراتيجية إضافية”، مضيفا: “ما زلنا نرى إمكانات كبيرة في مشروع أنشوا، وسنُعيد تقييم خطة التطوير استنادًا إلى المعطيات المكتشفة من الآبار الثلاثة”.
ورغم أن بئر “أنشوا 3” لم تؤدِّ إلى اكتشاف موارد جديدة تُغيّر من خطة التطوير الأولية، إلا أن الشركة تحدثت عن خزانات جيدة النوعية تحتوي على الغاز في الطبقة الرئيسية “باء”، ما يفتح المجال أمام إعادة ضبط خطة الإنتاج على نطاق أصغر وأكثر واقعية.
تعاون مرتقب مع المكتب الوطني والوزارة الوصية
وأكدت “شاريوت” أنها ستواصل التنسيق مع المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بهدف تكييف البنية التحتية والخطة الاستثمارية مع طبيعة الموارد المكتشفة، مع الاستمرار في استكشاف إمكانيات إضافية في رخصتي “ليكسوس” و”ريصانة”.
ويشمل مشروع “أنشوا” ربط الحقل البحري بمحطة معالجة برية عبر أنابيب تحت سطح البحر، في بنية تقنية تتطلب موافقات بيئية وهندسية ومالية، تقول الشركة إنها أنجزت جزءًا كبيرًا منها في السنوات الماضية.
أهمية استراتيجية في سياق التحول الطاقي المغربي
ويرى محللون أن “أنشوا”، رغم محدودية موارده حتى الآن، يحمل أهمية استراتيجية للمغرب، الذي يسعى إلى تنويع مصادر طاقته وتقليص اعتماده على الاستيراد، في ظل ارتفاع الطلب الداخلي على الغاز الطبيعي، وتوجه الدولة نحو توسيع الصناعات التحويلية والطاقات النظيفة.
وتُعتبر “شاريوت” من بين الشركات الأجنبية الأكثر نشاطًا في مجال الاستكشافات البحرية بالمغرب، حيث تراهن على موقع المملكة كبوابة طاقية نحو أوروبا وإفريقيا، وتضع مشروع “أنشوا” في صدارة مشاريعها القارية.