في قلب الريف المغربي، تزدهر التقاليد وتتجسد العادات في أروع صورها خلال موسم عيد الأضحى في منطقة صنهاجة الساحل. تعيش هذه القرى والأودية على وقع احتفالات استثنائية، تجمع بين البساطة الريفية والعمق الثقافي، حيث يمتزج الدين بالتراث في مشهد لا يُنسى.
الاستعدادات للعيد تبدأ مبكراً، حيث ينطلق البحث عن الأضاحي المناسبة، ويتم اختيارها بعناية شديدة. الأسواق الأسبوعية تزدحم بالرجال الذين يتفقدون الأضاحي، يفحصونها بدقة ويناقشون السعر مع البائع، فيما تهتم النساء بتزيين المنازل وتجديد طلائها لاستقبال الضيوف القادمين.
تعتبر عملية الذبح في عيد الأضحى لحظة مهمة، حيث يقوم الأكبر سناً من العائلة بأداء هذا الطقس بفخر وتقدير، فيما تحيط الأسرة بالحيوان وتشارك في طقوسه الاحتفالية. يُضاف إلى ذلك تقديم الكبد كوجبة للإفطار، والذي يجمع الأهالي حول مائدة بسيطة تعبر عن الفرحة والتآزر الاجتماعي.
في جانب آخر، تتفرد المرأة بدورها الحيوي في تحضيرات العيد، حيث تعمل على تنظيف وتجهيز المنزل بأفضل صورة، وتقوم بتحضير الأطعمة التقليدية مثل خبز الشعير والتريد، بينما تُستعمل الحناء كعلامة على قدوم العيد الكبير.
بمجرد أن تتسلل أشعة الفجر، يستقبل الرجال الصغار بفرحة وهناء، مرتدين ملابسهم الجديدة، ليشهدوا إلى جانب الكبار صلاة العيد في المصليات المحلية. يتبادل الجميع التهاني والتبريكات، فيما تعكس انطلاقاتهم أمداح وأناشيد تعزف حتى يصلوا إلى المدشر.
عيد الأضحى في صنهاجة الساحل ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو حدث اجتماعي وثقافي يمزج بين الإيمان والتراث، ما يجعله فرصة للتجديد والتأمل والتواصل الأسري.