بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الجمعة بدعوة الجزائر إلى استئناف التعاون مع فرنسا بشأن اتفاقيات الهجرة، محذراً من المناورات السياسية التي وصفها بـ”الألعاب السياسية”. جاء ذلك في أول تصريح له عقب التوترات الأخيرة بين البلدين بسبب رفض الجزائر استقبال رعاياها الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم.
وخلال مؤتمر صحفي في مدينة بورتو البرتغالية، دعا ماكرون الجزائر إلى الدخول في حوار مباشر مع باريس، بدلاً من اللجوء إلى التصريحات الصحفية والبلاغات، واصفاً هذه الطريقة بـ”السخيفة”. وشدد على ضرورة العمل المباشر بين البلدين لتحقيق تقدم حقيقي في هذا الملف، قائلاً: “لن نحرز تقدماً إذا لم يكن هناك عمل، لا يمكننا التحدث عبر الصحافة، هذا أمر سخيف، والأمور لا تعمل بهذه الطريقة”، مؤكداً في الوقت ذاته أن العلاقات الثنائية يجب ألا تكون “موضوعاً للألعاب السياسية”.
وقد منحت الحكومة الفرنسية الجزائر مهلة تتراوح بين شهر وستة أسابيع للتعاون في استقبال مواطنيها المرحلين، مهددة بإلغاء الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في حال عدم التوصل إلى حلول واضحة في هذا الملف. وأوضح رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع وزاري حول سياسات الهجرة، أن بلاده لن تقبل باستمرار الوضع الحالي الذي ترفض فيه الجزائر إعادة استقبال بعض مواطنيها المرحلين، مشيراً إلى التزام فرنسا بالاتفاقيات الثنائية لكنها قد تعيد النظر فيها إذا استمر عدم التعاون.
وتشهد العلاقات الفرنسية الجزائرية توتراً متزايداً في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد تكرار رفض الجزائر استقبال المرحلين، وهو ما تعتبره باريس عائقاً أمام تنفيذ سياساتها في ضبط الهجرة. وتعد الجزائر من الدول التي لديها واحدة من أكبر الجاليات في فرنسا، مما يجعل قضية الهجرة موضوعاً حساساً ومعقداً بين البلدين.
وفي إطار هذه المهلة، تعتزم فرنسا تقديم قائمة “طارئة” للحكومة الجزائرية، تتضمن أسماء أشخاص ترى باريس أنه يجب إعادتهم إلى بلدهم. وأوضح بايرو أن بلاده ستنتظر رد الجزائر على هذه القائمة قبل اتخاذ قرارات إضافية بشأن مستقبل الاتفاقيات الثنائية.
تأتي هذه الخطوة بعد الحادث “الإرهابي” في مدينة مولوز، حيث يُتهم مواطن جزائري مقيم بصفة غير قانونية بقتل شخص وإصابة سبعة آخرين، مما زاد من الضغوط على الحكومة الفرنسية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الهجرة غير الشرعية. واعتبر بايرو أن هذه الحادثة دليل إضافي على الحاجة إلى تشديد تطبيق قوانين الترحيل.
وفي محاولة للضغط على الجزائر، أمر بايرو بإجراء “تدقيق وزاري” حول سياسات منح التأشيرات للمواطنين الجزائريين، ما قد يشير إلى احتمال فرض قيود جديدة على منح التأشيرات مستقبلاً إذا استمرت الجزائر في عدم التعاون بشأن الترحيل.
ورغم هذه التوترات، أكد رئيس الوزراء الفرنسي أن بلاده لا تسعى إلى التصعيد مع الجزائر، لكنها في الوقت ذاته لن تتساهل في تنفيذ سياساتها المتعلقة بالهجرة، قائلاً: “نريد حلولاً عملية وتعاوناً جاداً، وليس مجرد وعود غير قابلة للتنفيذ”.