دعت وزارة التربية الوطنية إلى اعتماد مقاربة استباقية لتدبير الدراسة خلال الفترة المتبقية من الموسم الدراسي الجاري، تقوم على الرفع من مستوى اليقظة إزاء التطورات الوبائية، خاصة مع ما يعرفه الوضع الصحي من ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس، وظهور متحور “أوميكرون”، حيث أوصت الوزارة في مذكرة عممتها الاثنين على المسؤولين، بجملة من التدابير، منها إجراء فحوصات باستمرار على عينة من التلاميذ للكشف عن الفيروس، مع الاستعداد لتنويع الخيارات والأنماط التربوية، محددة الشروط التي يتم فيها اللجوء للتعليم عن بعد.
وأكدت الوزارة على ضرورة الالتزام الصارم والدقيق بالتدابير الوقائية والاحترازية من طرف جميع المؤسسات العمومية والخاصة، مع الرفع من مستوى اليقظة والصرامة في تفعيلها، و دعت الوزارة إلى إجراء فحوصات بين الفينة والأخرى للكشف عن الفيروس على مستوى عينة من التلاميذ، وتهوية الحجرات كل ساعة، واعتماد أجهزة قياس نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء بالحجرات الدراسية، وذلك بتجهيز المؤسسات بشكل تدريجي بهذه الأجهزة، مع الأولوية للمؤسسات الموجودة بالمناطق التي تعرف ارتفاع مؤشرات العدوى.
وشددت على ضرورة مواصلة التلقيح في صفوف التلاميذ المعنيين بالعملية، وتكثيف عمليات التحسيس بأهميته، فضلا عن التقييم المستمر لديناميكية الوباء وخطر العدوى على مستوى كل مؤسسة تعليمية.
كما أبرزت المذكرة ضرورة التتبع اليقظ والمستمر للنشرات الصادرة عن السلطات المختصة، واستثمارها في اتخاذ القرار التربوي والصحي المناسب بتنسيق مع السلطات المختصة، مع تطبيق مسطرة تدبير الحالات الإيجابية التي قد يتم اكتشافها بالوسط المدرسي، بتنسيق مع السلطات الترابية والصحية، فضلا عن تكثيف الزيارات التفقدية لمراقبة مدى التزام المؤسسات التعليمية.
تنويع الأنماط التربوية.
وحددت الوزارة ثلاثة انماط تربوية لتدبير الدراسة، وذلك بتفعيل مبدأ القرب في اتخاذ القرار، وفي إطار التنسيق مع السلطات الصحية والترابية، حيث دعت الوزارة إلى اعتماد نمط التعليم الحضوري بالمؤسسات التعليمية التي يمكن فيها تطبيق التباعد الجسدي، مع اللجوء إلى هذا النمط كلما استقرت مؤشرات الحالة الوبائية.
وثاني الأنماط هو التعليم بالتناوب، الذي يزاوج بين الحضوري والتعلم الذاتي المؤطر من طرف الأساتذة، وذلك في الحالات التي تستوجب تطبيق تباعد جسدي بالفصول الدراسية والمقرون بتفويج التلاميذ.
وثالث الانماط وهو التعليم عن بعد في حالة إغلاق الفصل أو المؤسسة، أو غي الحالات الحرجة التي توصي فيها السلطات المختصة بتعليق الدراسة الحضورية.
حسب المذكرة، فإن صلاحية اعتماد النمط التربوي المناسب يخول للسلطة التربوية الجهوية والإقليمية، بتنسيق وثيق مع السلطات الترابية والصحية، وأخذا بعين الاعتبار مؤشرات الوضعية الوبائية المحلية، مع إمكانية اعتماد أكثر من نمط تربوي داخل الإقليم.
ونصت المذكرة على ضرورة إعطاء الأولوية للتعليم الحضوري كلما توفرت الظروف الملائمة لذلك باعتباره الأسلوب الأكثر فاعلية في تحقيق الأهداف التربوية وتنمية الكفاءات.
التجويد وتكافؤ الفرص، وأكدت وزارة التربية الوطنية على ضرورة الحرص على تجويد المحتوى البيداغوجي والممارسات التربوية الفعالة لنمطي التعليم بالتناوب والتعليم عن بعد، و دعت الوزارة إلى تطوير وتجويد المحتويات الرقمية، والتخطيط الأمثل للتعلمات، وإحكام تأطير عملية التعلم الذاتي من طرف هيئة التدريس.
وشددت على ضرورة العمل على تكافؤ الفرص بين المتعلمين، عبر استعمال وسائل التواصل التي تعرف انتشارا واسعا في أوساط التلاميذ والأسر، وتطوير معينات ديداكتيكية تتلاءم وحاجيات الأوساط القروية والنائية التي لا تتوفر على أنترنيت، وأبرزت المذكرة ضرورة تعبئة الفرقاء المحليين للمشاركة في توفير وتوزيع الأجهزة والمستلزمات الرقمية لفائدة التلاميذ المحتاجين، مع تكوين الأطر في التعليم عن بعد.
تدابير مواكبة، كما دعت المذكرة إلى استنفار لجن القيادة الجهوية والإقليمية، من أجل إحكام تأطير ومواكبة وتتبع سير الدراسة بمختلف التعليمية في ظل التطورات الوبائية، مع وضع خطة عمل تروم تأمين الدراسة في ظروف تربوية وصحية ملائمة، كما ابرزت ضرورة الاستفادة من دروس التجربة السابقة، وحث هيئة التأطير والمراقبة التربوية على تكثيف تدخلاتها وزياراتها الميدانية، والمواكبة.
ودعت الوزارة إلى الرفع من وتيرة تجهيز المؤسسات بالحواسب وربطها بالانترنيت، ووضع أدوات التعلم عن بعد رهن الأطر التربوية، مع الانفتاح على جمعية الآباء وإشراكها في عملية تجويد وتفعيل الأنماط التربوية.
و قال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إن الوزارة اعتمدت مقاربة استباقية لضمان الاستمرارية البيداغوجية ترتكز على عدد من الإجراءات، وذلك تحسبا لموجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا، ولمختلف الوضعيات المحتملة.
وأبرز بنموسى في معرض جوابه على سؤال محوري حول “التدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا بالوسط المدرسي” بمجلس النواب، أن هذه الإجراءات تتمثل في الرفع من مستوى اليقظة إزاء تطور الحالة الوبائية بالمملكة، والاستعداد لتنويع الخيارات التربوية بشكل يتلاءم واحتمالات تطور الوضعية الوبائية بكل جهة.
وبناء على ذلك، يضيف الوزير، سيتم تدبير الدراسة من خلال اعتماد نمط “التعليم الحضوري” كلما استقرت الوضعية الوبائية، واعتماد النمط التربوي بالتناوب، الذي يزاوج بين “التعل م الحضوري” والتعلم الذاتي المؤط ر من طرف الأساتذة”، وذلك في الحالات التي تستوجب تطبيق التباعد الجسدي بالفصول الدراسية، وتفويج التلاميذ.
وأشار إلى أنه سيتم اعتماد نمط “التعليم عن بعد” في حالة إغلاق الفصل الدراسي أو المؤسسة التعليمية طبقا لما هو منصوص عليه في البروتوكول الصحي للمؤسسات التعليمية، أو في الحالات الحرجة التي توصي فيها السلطات المختصة بتعليق الدراسة الحضورية.
وأكد في السياق ذاته، أن الوزارة ستعمل على اعتماد النمط التربوي الذي يتناسب ووضعية كل مؤسسة تعليمية، مع إمكانية تطبيق نفس النمط التربوي أو أنماط مختلفة داخل نفس الجهة أو الجماعة أو الإقليم، في تناسب تام مع مؤشرات الوضعية الوبائية على المستوى المحلي.
كما سيتم، بحسب بنموسى، اعتماد مبدأ القرب في تدبير الحالة الوبائية، من خلال منح صلاحية اعتماد النمط التربوي المناسب إلى المصالح التربوية الجهوية والإقليمية والمحلية بتنسيق وثيق مع السلطات الترابية والصحية، أخذا بعين الاعتبار مؤشرات الوضعية الوبائية المحلية.
وجدد التأكيد أنه سيتم اعتماد التعليم الحضوري كلما توفرت الظروف الملائمة، باعتباره الأسلوب الأكثر فعالية، بالنظر لطبيعته التفاعلية المباشرة بين المتعلمين ومدرسيهم، وباعتباره الضامن لتكافؤ الفرص بين التلاميذ المنتسبين لمختلف الأوساط المجالية والشرائح الاجتماعية.
ومواكبة لكل هذه الاحتمالات،أفاد الوزير بأنه سيتم اتخاذ مجموعة من التدابير الكفيلة بتجويد عملية تفعيل الأنماط التربوية، باستثمار التراكمات والمكتسبات المحققة، وتجربة الموسمين الدراسيين السابقين.
وشدد الوزير على أن اعتماد التدابير الوقائية هو أفضل وسيلة لمواجهة تفشي الوباء، لذلك، ستسهر الوزارة على الالتزام الصارم والدقيق بتدابير الوقاية الصحية من طرف جميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية، وذلك من خلال التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي المتعارف عليه بالمؤسسات التعليمية، وإجراء فحوصات دورية، للكشف عن الفيروس على مستوى عينة من التلاميذ واعتماد التهوية المنتظمة للفصول والحجرات الدراسية، إلى جانب مواصلة عملية التلقيح في صفوف التلميذات والتلاميذ الذين يتراوح سنهم بين 12 و17 سنة.
ودعا في هذا السياق، كافة مكونات المجتمع التربوي إلى الالتزام الواعي والمسؤول بالتدابير الوقائية ومواصلة الاستفادة من جرعات التلقيح، مشيرا إلى أن الوزارة اتخذت ترتيبات لتسهيل هذه العملية بتنسيق مع وزارة الصحة وباقي السلطات المعنية.
كما أهاب الوزير بالجميع الالتزام بالمزيد من التعبئة الشاملة والمسؤولة من أجل ضمان سلامة المجتمع المدرسي و كذا توفير شروط نجاح واستمرارية النمط الحضوري الذي يضمن تكافؤ الفرص بين المتعلمات والمتعلمين في مختلف المجالات الجغرافية.