“مطلوب عنصر مراقبة شاب، يتمتع بقدرة على تذك ر الأشخاص، وي ستحسن أن يجيد ركوب الدراجات، والتعامل باحترام مع الزبائن. دوام العمل من العاشرة صباحا إلى العاشرة ليلا (بما يتناسب مع ساعات البيع). بدل الأتعاب 100 يورو في اليوم”.
هذا النص نموذج لإعلانات تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف إلى تجنيد عناصر “موسميين” في شبكات ترويج المخدرات في مدينة مرسيليا الفرنسية، ويقع في فخ إغراءاتها مراهقون، سرعان ما يتورطون في دوامة العنف، فيدفع كثر منهم حياتهم ثمنا لذلك.
ففي هذه المدينة الساحلية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط والتي ت ع د ممرا أساسيا لحركة تهريب الحشيشة العالمية، ق ت ل نحو 30 شابا عام 2022 في أنشطة متصلة بالاتجار المخدرات، وبلغ عدد الضحايا حتى الآن خلال السنة الجارية نحو 15، من بينهم ثلاثة قضوا الاثنين.
فالعرض كان مغريا بالنسبة إلى زكاري* مثلا ، ولم يستطع ابن التاسعة عشرة مقاومته، إذ جذبه سراب المال السهل، فانتقل من المنطقة الباريسية إلى مرسيليا بعد رسوبه في امتحانات الثانوية العامة لكي يتولى مهمة الوقوف في أحد نقاط بيع المخدرات البالغ عددها 130 في المدينة. وشرح الشاب للمحكمة أن “الأجر أكبر” في مرسيليا.
بدأ مرو جو المخدرات في المدينة منذ سنوات يستعينون باليافعين الذين يأتون من مناطق فرنسية أخرى، إذ غالبا ما يكون هؤلاء الشباب مطواعين وتسه ل التضحية بهم أكثر من غيرهم.
وأوضح رئيس محكمة مرسيليا أوليفييه لوران أن كثرا من هؤلاء يجدون أنفسهم “في شبه عبودية، إذ يصبحون بمثابة مخطوفين أو حتى يتعرضون للتعذيب”.
ولاحظ الأستاذ الجامعي جان باتيست بيرييه أن مستوى أعمال العنف المرتبطة بتجارة المخدرات في ثاني كبرى المدن الفرنسية معادل لما هي عليه الحال في مدينة أنتويرب البلجيكية وروتردام الهولندية، وهو ما يثير قلق القضاة من خطر سيناريو يشبه الوضع في المكسيك.
ولاحظ محقق في الشرطة القضائية في حديث لوكالة فرانس برس أن التجار باتوا يجدون صعوبة في “تجنيد عدد كاف من عناصر المراقبة من أحياء مرسيليا الشعبية لأن أبناءها يعتبرون أن ما يتقاضونه قليل نسبة إلى خطر الموت المحدق بهم، وهذا ما يدفعهم إلى “تجنيد عناصر من أماكن أخرى”.
وترى شبكات المخدرات أن العناصر الذين تجن دهم من خارجها “لا يستطيعون إعطاء معلومات عن الشبكة” إذا ق بض عليهم، على ما توضح لوكالة فرانس برس نائبة رئيس قسم الإستراتيجيات في مكتب مكافحة المخدرات تيفاني بينكتان.
وتدر بعض نقاط بيع المخدرات ما يصل إلى 80 ألف يورو في اليوم على الشبكات المرو جة. وت عد فرنسا واحدة من الدول المستهلكة للحشيشة في أوروبا وكذلك للكوكايين.
ويشهد مجمع لا باتيرنيل السكني الشعبي في مرسيليا صراعا داميا في الوقت الراهن يطال مزيدا من القاصرين، إذ ق تل فيه عنصر مراقبة في السابعة عشرة في شباط/فبراير الفائت، فيما قضى شاب آخر يبلغ 16 عاما بإطلاق النار عليه في مطلع نيسان/أبريل.
وتدل الأسهم الإرشادية بين المباني الصغيرة الملونة والمتداعية إلى نقطة البيع “يودا”، حيث ع ل قت أسعار مختلف أنواع المواد المخد رة على الجدران. وهذه الأزقة الضي قة تشك ل متاهة مماثلة تتيح لمرو جي المخدرات الهرب في حال حضرت الشرطة.
ا.ف.ب