من غرائب و عجائب الصدف ان هذه الآية القرانية الكريمة معلقة على باب إحدى مداخل مجلس المستشارين، لتذكر الحكومة و الاحزاب و البرلمانيين و المستشارين بالتشاور، هذه الآية الكريمة غابت اليوم من ذلك المجلس و احتل الانفرادية و التغول مكانه… فإذا كان التشاور العمومي يشكل أحد الأبعاد المتعلقة بتفعيل الأحكام الدستورية الناظمة للديمقراطية التشاركية، وباعتباره فضاء لدعوة المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني ومختلف الفاعلين الاجتماعيين للمشاركة في إعداد السياسات العمومية والمشاريع والبرامج والقرارات والمساهمة في تفعيلها وتتبعها وتقييمها، كما يهدف التشاور العمومي إلى توليد الاستجابة من السلطات العمومية والمنتخبة والتي تتضمن الردود والاقتراحات والتي برزت خلال مسار التشاور.
وقد عمل دستور المملكة لسنة 2011 على وضع الإطار العام للتشاور وترك أمر تنظيمه وتفعيله للسلطات العمومية، وهكذا نجد المشرع الدستوري أقر العديد من المقتضيات والأحكام والمبادئ الجديدة المتصلة بالديمقراطية التشاركية وآليات الحوار والتشاور بين مختلف السلطات العمومية والمنتخبة والمواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني. كما عمل دستور المملكة المغربية لسنة 2011 على تكريس كتلة من الأحكام الناظمة للمشاركة المواطنة والمترابطة مع بعضها البعض، وجعلها من المرتكزات الأساسية لبناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ولتوطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة..
لاشك ان المشرع الدستوري عمل على تنويع آليات مشاركة المواطنات والمواطنين في اتخاذ القرار، وأحال في شق منها إلى إصدار نصوص قانونية تعني بممارسة حقوق المشاركة المواطنة، وعلى وجه الخصوص الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع وكذا الحق في تقديم العرائض سواء على المستوى الوطني أو المستوى الترابي، فإنه في المقابل أحال إلى آليات تشاركية أخرى يتم من خلالها إشراك المواطنات والمواطنين والجمعيات ومختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية والقرارات والمشاريع والبرامج التنموية لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، والمساهمة كذلك في تفعيلها وتقييمها، وعمل في جزء من أحكامه على الإحالة إلى هذه المؤسسات والسلطات لكي تقوم بتنظيم هذه المشاركة طبقا للشروط والكيفيات التي يضعها المشرع، هذا من جهة، فيما منح المشرع الدستوري السلطة التقديرية، من جهة أخرى، لباقي المؤسسات والسلطات لكي تختار الآليات التشاركية للحوار والتشاور، وفي جميع الأحوال فإن المشرع يأمر مختلف السلطات والمؤسسات المنتخبة بضرورة إحداث هذه الآليات أو الهيئات المعنية بتفعيل مقتضيات التشاور والحوار العمومي.. و للساف هذه الاللية غائبة عن حكومة أخنوش أو ربما تغيبها او تفضل تغييبها …
وفي هذا نجد أن دستور المملكة لسنة 2011 نص الفصل 13 من الدستور على ما يلي:” تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها.”
وحث الفصل 139 من الدستور على خلق آليات تشاركية للتشاور والحوار على المستوى الترابي، حيث نص في هذا الشأن على ما يلي: ” تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها”.
وهكذا يتضح أن المشرع الدستوري وضع تصورا عاما حول آليات الديمقراطية التشاركية، إلى جانب أبعادها الأخرى وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالتشاور العمومي، وهي آليات في مجملها تطرح ضرورة إصدار نصوص قانونية وتنظيمية بغية استكمال ورش تنزيل آليات الديمقراطية التشاركية وتفعيل مقتضياتها المتصلة بالتشاور العمومي، وهو النص القانوني الذي عملت الوزارة على إعداد مسودته الأولية المتعلقة بتنظيم شروط وكيفيات وقواعد وآليات التشاور العمومي.
لاشك أن تنزيل قانون التشاور العمومي تفعيلا للفصول 12 و13 و139، يشكل رهانا أساسيا للرفع من وتيرة مشاركة المجتمع المدني ومختلف الفاعلين الاجتماعيين في السياسات العمومية، كما يشكل أرضية مهمة لمأسسة المشاركة المواطنة.