أكد استطلاع الرأي الذي أجراه “البارومتر العربي” أن المغاربة يعتبرون الاقتصاد أكبر تحد يواجهه البلد، إذ لم يعبر سوى ثلث المغاربة عن رضاهم بالوضع الاقتصادي، وتنخفض نسبة الرضى عن الوضع الاقتصادي لدى الفئات التي لا يمكنها تغطية نفقاتها إلى 18% فقط.
وكشف الاستطلاع أن 39% من المغاربة يعتقدون أن فجوة الثروة اتسعت قياساً إلى العام الماضي، ويقول نصف المغاربة إن الاقتصاد سيتحسن خلال السنوات المقبلة، ومن مظاهر اللامساواة والمشقة الاقتصادية البارزة التي سجلها “البارومتر العربي” انعدام الأمن الغذائي، فـ63% من المغاربة يؤكدون أن الطعام ينفد قبل توفر النقود لشراء المزيد، وهو ما يعكس تفاقم انعدام الأمن الغذائي، مقارنة مع نتائج استطلاع سنة 2022 حين كانت النسبة 36%.، وأكثر من نصف المغاربة (57%)، حسب ذات المصدر، يقولون إن توفر الطعام يمثل مشكلة كبيرة أو متوسطة، وتقول نسبة (59%) الشيء نفسه عن أسعار الغذاء. علما أن أولئك الذين لا يمكنهم تغطية نفقاتهم هم الأكثر قلقاً إزاء توفر الغذاء.
و أبرزت النتائج أن المغاربة لا يتفقون على سبب واحد لانعدام الأمن الغذائي؛ وتشمل الأسباب الداخلية؛ سوء الإدارة الحكومية (28%) والتضخم (17%) واللامساواة في الثروة (8%) من بين أسباب أخرى. والعوامل الدولية أو الخارجية وتشمل تغير المناخ (16%) والحرب في أوكرانيا (12%)، ورغم التوافق على تحمّل الحكومة المسؤولية عن تحسين الأوضاع الاقتصادية، رصد التقرير أن 28% يطلبون من الحكومة التركيز على الحد من التضخم، ويقول الخُمس إن تهيئة فرص العمل هو التحرك المنشود، ويرى 14% أن إصلاح التعليم هو الحل.
وحسب الاستطلاع يقول 34% بضرورة أن يكون الدعم أهم بند إنفاق للحكومة في السنة المقبلة، وبخصوص اولويات الإنفاق، جاءت آراء النغاربة كالتالي؛ التعليم (23%) والرعاية الصحية (21%).
وبخصوص الثقة في الأطراف السياسية، فقد سجل الاستطلاع تراجع الثقة في حكومة أخنوش من 37% سنة 2022 إلى 33%، في حين لا تتعدى نسبة الثقة في أخنوش 31%، وترتفع النسبة لدى الأغنياء، في حين تنخفض أكثر لدى الفئات الفقيرة. وبالمقابل، ارتفعت نسبة الثقة في البرلمان من 33% إلى 38%.، وفيما يتعلق بتدبير الحكومة لعدة ملفات، فقد رصد الاستطلاع تزايد عدم الرضى عن حكومة أخنوش، حيث إن 83% من المغاربة غير راضين عن تدبيرها للغلاء، والثلثان غير راضين عن تدبيرها للفوارق بين الأغنياء والفقراء، ونفس النسبة غير راضية عن الصحة، و75% غير راضين عن النظام التعليمي.
ولفت التقرير إلى ارتفاع الثقة بشكل واضح في النظام القضائي والمجتمع المدني،حيث يقول 74% من المغاربة إنهم يثقون في محاكمهم ونظامهم القضائي بشكل عام،وتبلغ الثقة في المجتمع المدني 70%، وتعزى النسبة الأخيرة إلى دور الجمعيات في زلزال الحوز، ويثق المغاربة بالجهاز الأمني؛ إذ يقول 80% من الأشخاص إنهم يشعرون بالثقة في الشرطة، و88% في القوات المسلحة.
و كشف استطلاع للرأي قدمه البارومتر العربي، أن الفساد يستمر كمشكلة مُقلقة للغالبية الأعظم من المغاربة، حيث يؤكد 74% منهم أن الفساد منتشر في مؤسسات الدولة، وأوضح الاستطلاع أن الشرائح الأقل حظا من المقدرات الاجتماعية والاقتصادية تؤكد تفشيا أكثر للفساد، حيث إن 86% ممن يواجهون صعوبات في تلبية احتياجاتهم يقولون إن الفساد مستشر في مؤسسات الدولة، مقارنة مع 59% من الأوفر حظا من الثروة.
ويرى أقل من نصف المستطلعين (47%) بأن الحكومة تكافح الفساد. ويُقبل المغاربة الأكثر ثراء على القول بأن الحكومة تكافح الفساد بواقع 63%، وهي النسبة التي تنخفض لدى الشرائح الأفقر إلى 35%.
ومع انتشار الفساد على المستويات كافة، في تصورات المواطنين، فإن المغاربة يجدون أنفسهم مضطرين لاستخدام الواسطة والرشوة في بعض الأحيان، خاصة في الحصول على الوظيفة أو لاستصدار وثائق رسمية، إذ إن 65% يستعينون بالواسطة و66% بالرشوة للتوظيف، و63% يستخدمون الواسطة و62% الرشوة للحصول على الوثائق.
وفيما يتعلق بالديمقراطية، فإن 73% من المغاربة يقولون إن للأنظمة الديمقراطية مشاكلها لكنها أفضل من غيرها، ويقول 49% إن المغرب أصبح أكثر ديمقراطية مقارنة بما قبل الربيع العربي. لكن هذا الرأي الأخير يعتنقه بنسبة أكبر أصحاب النصيب الأوفر من الثروة، حيث إن 39% فقط من المغاربة الأفقر يعتقدون بالتحسن الديمقراطي بعد 2011.
وحسب ذات الاستطلاع، فقد أيد 40% من المغاربة النظام المحكوم بالشريعة الإسلامية بدون أحزاب أو انتخابات، في حين يدعم 39% النظام الذي تقدم فيه حكومة قوية الاحتياجات الأساسية للناس دون السماح لهم بالمشاركة السياسية، كما أن نسبة 23% تؤيد الحكم السلطوي القوي دون انتخابات أو معارضة. مع ملاحظة أن المغاربة يوافقون بشكل عام على هذه المواقف بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية الاقتصادية المختلفة.
لكن يظل الأغلبية من المغاربة (68%) يؤيدون النظام البرلماني الحالي، حيث تتنافس الأحزاب من مختلف المرجعيات في انتخابات نيابية.
وارتباطا بالحقوق والحريات، كشف الاستطلاع أرقاما إيجابية، إذ يقول58% من المغاربة إن حرية التعبير عن الآراء مضمونة ، و71% يعتبرون حرية الصحافة مضمونة، و57% يعتبرون حرية التظاهر والاحتجاج مضمونة. وفي ما يخص الإنترنت، يشعر المغاربة بالقلق من الحدّ من حرية التعبير، لا سيما ما يخص المراقبة والرقابة من قبل الحكومة (54 بالمئة) والحكومات الأجنبية (51 بالمئة) ومنصات التواصل الاجتماعي (53 بالمئة).
وفي ذات صدد، لفت التقرير إلى أن التصور حول الحقوق والحريات المدنية في المغرب يرتبط بدرجة كبيرة بالوضع الاجتماعي الاقتصادي. فعلى سبيل المثال يقول 74% الأكثر ثراء إن حرية التعبير مضمونة، مقابل 44% من الأقل ثراء. وبالنسبة لحرية المشاركة في الاحتجاج والتظاهر، فإن المستويات مشابهة (72 بالمئة مقابل 45 بالمئة).
و كشف استطلاع الرأي الذي أجراه “البارومتر العربي” أن أزيد من نصف الشباب المغربي الأقل من ثلاثين سنة يرغبون في الهجرة، وتأتي الأسباب الاقتصادية في صدارة الأسباب التي تدفع هؤلاء للتفكير في مغادرة البلد.
وأوضح الاستطلاع أن الفئة التي تقبل على الهجرة أكثر هي فئة الشباب، حيث إن 55% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة لديهم رغبة في الهجرة، في حين تقل هذه النسبة لدى الأكبر سنا لتصل إلى 24%، ما يعني أن 35% من مجموع المغاربة يرغبون في الهجرة. كم أن الرجال يفكرون بالهجرة أكثر من النساء (45% مقابل 25%).
ويفكر 4 من كل 10 أشخاص لا يقدرون على تغطية نفقاتهم في الهجرة، مقابل 29 بالمئة فقط من أصحاب الأوضاع المادية المستقرة، بينما خريجو الجامعات يقبلون أكثر على فكرة الهجرة مقارنة بالأقل تعليما، بهامش 9 نقاط مئوية.
وارتباطا بالأسباب التي تدفع المغاربة للهجرة؛ فقد رصد الاستطلاع أن الأسباب الاقتصادية تأتي في الصدارة بنسبة 45%، ثم الفرص التعليمية 18%، في حين يدفع الفساد 15% من هؤلاء إلى التفكير في الهجرة، وتمثل الأسباب سياسية 13%.
وبخصوص البلدان التي يرغب المغاربة بالهجرة إليها، تأتي في الصدارة الولايات المتحدة الأمريكية (26%)، ثم وفرنسا وكندا (23%) وإيطاليا وإسبانيا (22%) وألمانيا (19%)، ويقول أكثر من نصف المهاجرين المحتملين في المغرب (53%) إنهم قد يتخذوا قرار الهجرة حتى في غياب الأوراق الرسمية اللازمة لذلك، ويسري هذا أكثر على الشرائح الأفقر (64% مقابل 34%)، والأقل تعليماً(58% مقابل 40%).