لكبير بلكريم
تحول المغرب في السنوات الأخيرة إلى وجهة بديلة بامتياز للراغبين في قضاء عطلهم من جميع بقاع العالم، لدرجة أن دولة أجنبية واحدة توافد سياحها على المغرب خلال هذه السنة بعدد حددته مصادر متخصصة في السفر والسياحة في مليوني سائح، وهم القادمون من الجارة الإسبانية التي لا تفصلنا عنها سوى بضعة كيلومترات.
لماذا تسجل بلادنا توافد العديد من السياح بدرجات كبيرة، الذين اختاروا المغرب كوجهة رئيسية لقضاء عطلات رأس السنة، … المغرب البديل.
لدرجة أن حجوزات السياح الإسبان نحو المغرب وصلت إلى 3% من اختياراتهم، مما يعكس النمو المستمر في الإقبال على المملكة المغربية، التي أصبحت تحظى بشعبية كبيرة بفضل مدنها التاريخية مثل مراكش وأكادير وفاس، التي تستقطب السياح بفضل جوها الاحتفالي الفريد وتقاليدها وثقافتها العريقة.
والتوجه نحو المغرب لم يكن عبثا، بل اختيار، عن قناعة باعتباره البلد الآمن، من المخاطر بفضل مؤسساته الأمنية العتيدة التي أصبح يضرب بها المثل، في الأمن والأمان عالميا، فمن دخل المغرب فهو آمن في ماله وبدنه ونفسه وعرضه، بفضل حنكة وتمرس وكفاءة وقدرات رجال الأمن بجميع تخصصاتهم وما يحسه ويشعر به السائح من أمن وأمان.
يقضي السائح إجازته، وهو مطمئن وآمن أينما حل وارتحل، هذا دون أن ننسى ثقافة الشعب المغربي المبنية على تكريم الضيف، والعناية به والاهتمام به إلى حين عودته لداره، المغاربة يُؤْثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، هنا نتذكر ذلك الرجل القروي، الذي كان يقطع مسافات رفقة حماره والذي صادفه سياح أجانب، بمنطقة جبلية تقل في طرقاتها ومساربها الحركة، وكان بهم جوع، فما كان من هذا الرجل البسيط، إلا أن أخرج خبزا وتفاحا، وبعض المواد الغذائية، وقدمها لهؤلاء السياح لينقذهم من جوع رغم أنه كان متوجها نحو قريبه الذي ينتظر أن يزوده بغذائه.
الجميل والغريب الذي أبهر هؤلاء السياح، هو أنهم عندما سألوه عن ثمن الخبز ليشتروه منه، كان إباء وشهامة وكرم المغربي سابقة، في الرد على عرضهم فقال لهم “نحن لا نبيع الخبز” ربما شكل الجواب صدمة، لأن الأجنبي يؤمن أن كل شيء يباع ويشترى، من الماء إلى الخبز إلى النوم في غرفة أو فوق سرير أو ضيافة، يؤمنون أن كل خدمة مؤدى عنها، عاشوا في مجتمعهم فكبروا وشبوا على هذا، لكنهم لم يكونوا يدركون أن المغربي مهما كان مستواه الاقتصادي، يقدم لك وجبة غذائه، أو عشائه أو سرير نومه وحتى منزله، كرما وترحابا، لقضاء بعض الليالي، هكذا عاش المغاربة، إكرام الغريب والضيف.
فعلا لقد شكل هذا السلوك صدمة لهؤلاء السياح، فما كان منهم إلا أن استأذنوا ذلك البدوي البسيط، لالتقاط شريط فيديو، بل ربما التقطوه قبل استئذانه لتظهر عفوية المغربي، في تقديم ما لديه للسائح وليظهر كرمه الحاتمي وهذا سلوك المغاربة جميعا.
لهذه الأسباب وغيرها فلا يسع المجال للتطرق إلى كلها، يقصد السياح المغرب لقضاء عطلهم بل منهم من طاب له المقام واستقر به، أما احتفالات رأس السنة فالوجهة، المغرب لوجود الأمن والأمان الذي يفتقدونه بدول أخرى بل دول أخرى يتحاشونها بسبب التحذيرات منها.