رصد تقرير دولي ما أسماه حيوية المشهد السياسي المغربي وتعدديته الحزبية، حيث صنفت منصة “ذي أفريكان إكسبونينت” المتخصصة في التحليلات الاقتصادية والسياسية، المغرب في المرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل عشر دول إفريقية من حيث عدد الأحزاب السياسية الفعّالة، وذلك بمعدل 5.68 نقطة.
ويُبرز هذا التصنيف مدى تنوع وتوازن المشهد السياسي المغربي، الذي يتسم بمنافسة قائمة بين أحزاب ليبرالية وإسلامية وعلمانية، في ظل نظام سياسي اختار مسار الملكية الدستورية الديمقراطية، حيث يشكل البرلمان بمجلسيه فضاءً للتعبير عن مختلف الاتجاهات السياسية، ويتيح المجال لتناوب سلمي على السلطة.
و اشار التقرير ان المغرب يعد من بين الدول القليلة في إفريقيا التي تعرف تعددية حزبية حقيقية، حيث يتجاوز عدد الأحزاب السياسية القانونية 30 حزباً، تختلف في مرجعياتها الفكرية وأطروحاتها الاجتماعية والاقتصادية، مما يعزز من قدرة الناخب المغربي على اختيار ممثليه من طيف واسع من البرامج والرؤى.
من بين الأحزاب البارزة في المشهد المغربي حزب العدالة والتنمية (PJD): حزب ذو مرجعية إسلامية شارك في قيادة الحكومة لولايتين متتاليتين بين 2011 و2021 حزب التجمع الوطني للأحرار (RNI): حزب ليبرالي يقود الحكومة الحالية منذ انتخابات 2021 حزب الأصالة والمعاصرة (PAM): حزب علماني حداثي يتبنى خطاباً تنموياً ويحتل موقعاً بارزاً في المعارضة سابقاً وفي الحكومة حالياً ، و حزب الاستقلال: أحد أقدم الأحزاب المغربية، ذو مرجعية وطنية محافظة ، و حزب التقدم والاشتراكية (PPS): حزب يساري له باع طويل في العمل السياسي والمؤسساتي.
هذا التنوع الحزبي ساهم في تكريس ممارسات ديمقراطية واضحة، حيث يتم تداول السلطة بين مكونات حزبية مختلفة وفق نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية، ما يعكس درجة من الاستقرار السياسي والمرونة المؤسساتية داخل المملكة.
وعلى الصعيد القاري، جاءت ليبيريا في المرتبة الأولى بمعدل 6.44 نقطة، متقدمة على المغرب، حيث اعتبر التقرير أن المشهد السياسي الليبيري يشهد نشاطاً ديمقراطياً واضحاً وتنوعاً حزبياً ملموساً، خصوصاً بعد مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.
وفي المقابل، احتلت بوركينا فاسو المركز العاشر والأخير بمعدل 4.11 نقطة، رغم ما وصفه التقرير بـ”التاريخ الانتخابي التنافسي” الذي يميز هذا البلد، مع الإشارة إلى الدور الذي لعبته أحزاب كـ”المؤتمر من أجل الديمقراطية والتقدم” و”حركة الشعب من أجل التقدم” و”اتحاد التقدم والتغيير” في مختلف مراحل الحياة السياسية.
و أكدت منصة “ذي أفريكان إكسبونينت” أن العديد من الدول الإفريقية لا تزال تعتمد نظام الحزب الواحد المهيمن، ما يحد من خيارات الناخبين ويضعف مكانة الأحزاب المعارضة، كما يُقيد إمكانيات التداول السياسي السلمي، وهو ما يُعد تحدياً أمام بناء ديمقراطيات تعددية حقيقية.
في المقابل، يعتبر النموذج المغربي مثالاً على الإرادة السياسية في ترسيخ التعددية، مع وجود آليات دستورية وتنظيمية تُشجع على انخراط الأحزاب في الحياة السياسية، وتمنحها إمكانيات قانونية وتمويلية للمنافسة.
و يعزز تصنيف المغرب كثاني أفضل بلد إفريقي من حيث تعدد الأحزاب السياسية الفعّالة مكانته كبلد يسير بخطى ثابتة نحو تطوير نموذج ديمقراطي خاص به، يوازن بين الاستقرار السياسي والانفتاح على التعددية والتنافسية، و في ظل تحولات متسارعة تعرفها المنطقة الإفريقية، يبرز المغرب كأحد النماذج الإيجابية التي يمكن البناء عليها في تعزيز الحكامة السياسية وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية.