للمناخ دخل في كل شيء، في الإنتاج والعلم والمعرفة والحياة، وهنا ننظر بعين الفحص إلى دور المناخ في توزيع الثروة توزيعا عادلا.
عاش المغرب حاليا حالة استنفار قصوى بعد التساقطات المطرية والثلجية، حيث انقطعت الدواوير عن العالم وانحبست الطرق ولم يعد المواطن قادرا على الوصول إلى المكان الذي يقتني منه حاجياته ويقضي أغراضه.
الشهادة لله، أن أمرا كبيرا لا يمكن إنكاره، وعملا جبّارا تم القيام به تجاه المواطنين، وخصوصا ما قامت به مؤسسة محمد الخامس للتضامن، بالتعاون مع القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، حيث تمكنت من إيصال المساعدات للمواطنين القابعين في أمكنة لا تصل إليها الشاحنات والسيارات، وكان الأمر عظيما عندما وصلت مروحية الدرك إلى ثلاث عائلات انقطعت بها السبل مع قطيع الماعز، وهي بالمناسبة من الرحل، وأوصلوا إليهم الأغطية والمؤونة وحتى علف القطيع.
وينبغي توجيه التحية لمن قام بعمله بجد واجتهاد وتضحية أيضا مثل الجندي في معركة مصيرية وخصوصا العاملين بقطاع التجهيز الذين سهروا الليالي كي يفتحوا الطرق المغلقة بالثلوج أو حرصوا على بقاء بعضها مفتوحا، وكذلك اللجان التي بقيت ساهرة على سير العمل كما ينبغي له.
عمليا نشكر هؤلاء على التضحية، غير أن الواجب العملي يفرض على كل عامل وموظف في موقع معين أن يقوم بعمله. في زمن غاب فيه الضمير واضمحلت أخلاق العمل والوظيفة أصبح قيام أي شخص بدوره يعتبر عملا بطوليا فبالأحرى أن يكون القيام بالعمل مصحوبا بالتضحية. فشكرا للجميع على جهودهم الجبّارة.
لكن. لكن كبيرة. ليتنا مرة لا نضطر إلى هذه الـ”لكن”…
لكن كل ما تم القيام به بعيد كل البعد عن عمل الحكومة التي ظلت في الرباط وظل وزراؤها في مكاتبهم وكراسيهم الوثيرة. لم يتعدَّ عمل الحكومة تصريحات الوزراء للتليفيزيون في النشرات الرئيسية للإعلام العمومي، ولم نر وزيرا نزل برجليه ليقف على عمليات الإنقاذ كما يحدث في كل بلاد الدنيا.
ما تم القيام به جهد كبير لا دخل للحكومة فيه والكل يعرف ذلك، وكانت التعليمات الملكية صارمة للجهات المعنية.
دعنا الآن نتحدث عن دور الحكومة.
ليست الحكومة مطالبة بأن تبقى في مكانها دون حراك حتى تقع الفأس في الرأس ولكن الحكومة عليها أن تقوم بواجبها الممتد والمخول لها دستوريا، وهو الواجب الذي لو قامت به مؤسسة أخرى لقيل إنه تدخل وتداخل في الاختصاصات.
التدخل زمن الكارثة واجب ملزم للحكومة، ونشهد أنها لم تقم به، لكن واجبها الأصلي ألا تفك عزلة الثلج عن الدواوير ولكن أن تفك عزلة التهميش الأبدية، وذلك عبر برامج ومشاريع قصد إدماج مواطني المغرب العميق في التنمية ومسار التنمية، وهذا مفهوم التوزيع العادل للثروة، التي يفهمها بعض قاصري النظر بتوزيع رأسمال الدولة على المواطنين، فالتوزيع العادل للثروة هو أن تصل المشاريع إلى كل المناطق.